الشرق اليوم- نفت الحكومة العراقية أن تكون قد تفاوضت مع ميليشيات تابعة لإيران بهدف التوصل إلى هدنة مشروطة لوقف استهداف السفارة الأمريكية في بغداد بصواريخ الكاتيوشا.
وجاء النفي الحكومي بعد ساعات من إعلان ميليشيا كتائب حزب الله العراقية اتفاق الفصائل المسلحة المدعومة من إيران على تعليق هجماتها الصاروخية على القوات الأميركية شريطة أن تقدم الحكومة العراقية جدولا زمنيا لانسحاب القوات الأميركية.
ونفى مصدر في مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال حديث مع مراسل “العرب” في بغداد أن تكون الحكومة قد تفاوضت مع أي فصيل مسلح لوقف الهجمات على السفارة الأميركية في بغداد.
وقال المصدر إن “الحكومة لم تتوصل إلى هدنة مشروطة مع أي فصيل مسلح لوقف استهداف السفارة الأميركية”، مشيرا إلى أن “إعلان الكتائب جاء بعدما بدأ الجيش العراقي عملية إعادة انتشار في العديد من المناطق داخل العاصمة العراقية لملاحقة مطلقي صواريخ الكاتيوشا على مطار بغداد والسفارة الأميركية”.
وتابع “لا علم لدى الحكومة بأي مفاوضات بين الفصائل وأي جهة أخرى بشأن وقف الهجمات الصاروخية على السفارة الأميركية”.
وقال محمد محيي، المتحدث باسم كتائب حزب الله، إن “الفصائل أعطت هدنة مشروطة، وهذه الهدنة المشروطة موجهة للحكومة العراقية بالذات لأنها هي المعنية بتنفيذ قرار مجلس النواب”.
وأضاف أن الاتفاق “أساسا يشمل جميع الفصائل، الفصائل التي ربما أيضا تستهدف القوات الأميركية”، مشيرا إلى أن على الحكومة العراقية أن تنفذ قرارا برلمانيا صدر في يناير الماضي دعا إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من العراق.
وكان البرلمان العراقي أصدر هذا القرار بعد ضربة أميركية بطائرة مسيرة في مطار بغداد أدت إلى مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني وقائد الفصائل الشيعية في العراق أبومهدي المهندس، الأمر الذي أثار مخاوف من مواجهة إيرانية أميركية شاملة على الأراضي العراقية.
وقال محيي إنه لا توجد مهلة محددة لكي تنفذ الحكومة القرار، لكنه حذر من أنه إذا لم يحترم الأميركيون قرار البرلمان العراقي فستستخدم الفصائل التابعة لإيران “كل الأسلحة المتاحة لديها”، مشيرا إلى أن إطلاق صواريخ الكاتيوشا على القوات الأميركية والمجمعات الدبلوماسية “كان رسائل إلى الأميركان” وأن هجمات أشد قد تقع فيما بعد.
وترى مصادر سياسية في بغداد أن إعلان الميليشيات الموالية لإيران التوقف عن قصف السفارة الأميركية ربما يمثل استجابة لمستوى مرتفع من التهديدات عبرت عنها الولايات المتحدة التي ضاقت ذرعا بعمليات استهداف بعثتها في بغداد.
وتذكر هذه المصادر أن الولايات المتحدة كانت على وشك إغلاق سفارتها في بغداد بسبب الهجمات الصاروخية التي تستهدفها بشكل شبه يومي مؤخرا، مشيرة إلى أن مسؤولين أميركيين عبروا لنظرائهم العراقيين مؤخرا عن أن إغلاق السفارة الأميركية في بغداد قد تكون ضريبته كبيرة.
وفضلا عن إمكانية تعليق مختلف أشكال الدعم التي تقدمها الولايات المتحدة للعراق، لاسيما على المستويين العسكري والاقتصادي، فإن استهداف زعماء الميليشيات الموالية لإيران في العراق، كان من بين أشكال الرد الأميركي المحتملة على إغلاق السفارة الأميركية في بغداد.
ويقول مراقبون إن زعماء الميليشيات التابعة لإيران ربما استشعروا خطر تفاقم الأوضاع في العراق ما يعرضهم لخطر التصفية المباشرة على أيدي الأميركيين، كما حدث لسليماني والمهندس، ما دعاهم إلى الإعلان عن تعليق الأعمال العدائية ضد سفارة الولايات المتحدة في بغداد.
ويمثل إعلان ميليشيات كتائب حزب الله العراقية، كبرى المجموعات العراقية المسلحة التابعة لإيران، وقف الهجمات الصاروخية على سفارة واشنطن اعترافا بمسؤوليتها عن الأعمال العدائية التي تستهدف المصالح الأميركية في البلاد، بعد أشهر من المماطلة والمناورات الإعلامية للالتفاف على هذه الحقيقة.
ويقول مراقبون إن الكتائب وغيرها من الميليشيات الكبيرة المعروفة في العراق، سعت إلى الاستتار خلف أسماء ميليشيات وهمية تنسب إليها مسؤولية مهاجمة المصالح الأميركية في العراق، لكن الأوضاع تبدلت بعدما بلغ الغضب الأميركي مداه، لذلك اعترفت ضمنيًّا بالمسؤولية عن هذه الأعمال العدائية.
ومن شأن هذا الإعلان أن يؤدي إلى زعزعة صورة الميليشيات العراقية التي تريد أن تبدو وكأنها لا تقهر، حتى وإن كان الخصم هو الولايات المتحدة.
المصدر: العرب اللندنية