بقلم: جيفري كمب – صحيفة الاتحاد الإماراتية
الشرق اليوم- يوم السبت 26 سبتمبر، ترأس الرئيس دونالد ترامب فعالية كبيرة في البيت الأبيض، خصصت للإعلان عن اختياره الرسمي للقاضية المحافظة إيمي كوني باريت لتصبح عضواً في المحكمة العليا. مئات الضيوف اجتمعوا في «حديقة الزهور» من أجل هذه المناسبة، لكن قلةً قليلةً منهم فقط كانوا يرتدون كمامات، ولم يكن هناك أي تباعد اجتماعي. ولاحقاً، توجَّه الكثيرون إلى داخل البيت الأبيض من أجل حفل استقبال، ومرة أخرى من دون كمامات، ودون احترام لقواعد التباعد الاجتماعي.
وبعد ثلاثة أيام على ذلك الحديث، أي يوم الثلاثاء 29 سبتمبر، شارك ترامب وجو بايدن في أول مناظرة رئاسية في ولاية أوهايو. كان المرشحان بعيدين عن أحدهما الآخر، وتفصل بينهما مسافة ثلاثة أمتار ونصف تقريباً. وبعد يومين على ذلك، أي في 1 أكتوبر، أُبلغ ترامب بأن نتيجة فحص كوفيد-19 الذي أُجري لمساعِدته المقربة «هوب هيكس» جاءت إيجابية. وعلى الرغم من هذا الخبر، سافر ترامب إلى بدمينستر بولاية نيوجيرزي، من أجل حضور فعالية لجمع التبرعات، مع العديد من أنصاره. وكان معظم المدعوين هناك لا يرتدون كمامات. في ذلك المساء، عاد ترامب إلى واشنطن، وأُبلغ بأن نتيجة الفحوصات التي أجريت له ولميلانيا ترامب كانت إيجابية. فأعلن عن هذا الخبر في الساعات الأولى من يوم الجمعة 2 أكتوبر. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، نُقل على متن طائرة هيلوكبتر إلى مستشفى وولتر ريد العسكري في بيثيسدا بولاية ميريلاند، حيث كان يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، ويجد صعوبة في التنفس.
وبعد ثلاثة أيام في مستشفى وولتر ريد، عاد ترامب إلى البيت الأبيض في 5 أكتوبر. وقال أطباؤه إنه في طريقه إلى التعافي. لكن ترامب أوضح أن استراتيجيته لبقية أسابيع الحملة الانتخابية تتمثل في تقديم نفسه كناجٍ استطاع التغلب على كوفيد-19، وأنه يمكن القضاء على الفيروس، وسيُقضى عليه بفضل العلاجات الجديدة والقدوم الوشيك للقاحات آمنة.
غير أن منتقدي ترامب يقولون إن سلوكه كان غير مناسب، إذ لم يبدِ الاحترام الكافي لأكثر من 200 ألف أميركي الذين قضوا جراء المرض، وللملايين الذين يعانون منه، وللآلاف الذين ما زالوا يتلقون الرعاية الطبية في المستشفيات كل يوم. وفي الأثناء، أظهرت الاختبارات إصابة مزيد من موظفي البيت الأبيض وبعض المواطنين الأميركيين الذين حضروا الفعالية في 26 سبتمبر، مما يُظهر أن التجمع ربما كان «بؤرة وبائية».
إن إصابة ترامب غيّرت ديناميات الانتخابات الرئاسية لصالح «الديمقراطيين»، وذلك لأن الفيروس بات الآن العنصر الرئيسي في الأجندة الانتخابية، وليس مواضيع الاقتصاد أو القانون والنظام. والواقع أن بايدن وفريقه كانوا أكثر تحلياً بالمسؤولية في الحديث عن خطورة الوباء. غير أن الكثيرين قلقون للغاية، لكون بايدن كان قريباً من ترامب الذي كان يصيح في مناظرة أوهايو. وعلى الرغم من أن الاختبارات التي أجراها كانت نتائجها سلبية حتى الآن، فإن فترة حضانة الفيروس ما زالت مفتوحة. وإذا ما تبين أن بايدن قد أصيب أيضاً بالفيروس، فإن ذلك سيشكّل «مفاجأة أكتوبر» أخرى كبيرة، ويمكن أن يغيّر توقعات الانتخابات من جديد.
تحت هذه الظروف التي يتنافس فيها رجلان مسنّان على الرئاسة، تَركَّز قدرٌ أكبر من الاهتمام على دورَي نائب الرئيس مايك بنس ومنافسته «الديمقراطية» السيناتورة كمالا هاريس، واللذين ستناط بهما أدوار جديدة في حال أصيب زعيماهما بالمرض على نحو خطير، وهو السيناريو الأسوأ. إن الآثار الدستورية لهذه التطورات ليست واضحة كلياً، على اعتبار أنه لم يسبق أن كان هناك وضع مماثل في التاريخ الأميركي الحديث. ولهذا السبب، يُتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة أشكالاً جديدة من الحملة الانتخابية، ومناقشات جادة حول التداعيات القانونية والسياسية لانتخابات محتدمة، وفريدة من نوعها، في بلد منقسم على نفسه بشكل حاد حول كيفية تدبير مستقبله.