BY: Cameron Hilditch- National Review
الشرق اليوم- في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، مرّر مجلس العموم في “وستمنستر” مشروع قانون الأسواق الداخلية، وهو يؤكد سيادة بريطانيا في الأراضي البريطانية المستقلة. قد يبدو هذا القرار مثيراً للجدل لكنه مجرّد حشو.
مع ذلك، يحمل الاتحاد الأوروبي رأياً مختلفاً، فقد اتخذت الحكومة البريطانية قراراً غير مدروس في السنة الماضية يقضي بالتوقيع على اتفاق انسحاب سيئ جداً مع الاتحاد الأوروبي، وسمح نص ذلك الاتفاق للاتحاد الأوروبي بضم إيرلندا الشمالية اقتصادياً، وهي واحدة من الدول الأربع المُكَوّنة للمملكة المتحدة، وأصبحت هذه المنطقة أيضاً خاضعة للجمارك والتنظيمات الأوروبية. كان تظاهر الاتحاد الأوروبي بالمطالبة بإيرلندا الشمالية بإصرارٍ شديد خلال المفاوضات حول خطة “بريكست” يعني استحالة نشوء حدود مرنة وقابلة للاختراق بين إيرلندا الشمالية والجمهورية ما لم يتحقق هذا المطلب. قيل إن إنشاء بنى تحتية حدودية قد يجازف بتأجيج أعمال عنف مريعة كتلك التي اجتاحت جزيرة إيرلندا منذ تقسيم المملكة المتحدة في 1921.
تُعتبر الفكرة القائلة إن السيطرة الأوروبية على إيرلندا الشمالية هي العامل الضروري الوحيد لتجنب نشوء بنى تحتية هناك غير صحيحة، وقد اعترف الاتحاد الأوروبي بذلك، لكن يبقى الترويج لهذه الفكرة مفيداً من الناحية السياسية للتفوق على المملكة المتحدة خلال المفاوضات.
اكتشفت الحكومة البريطانية أن هذا التدبير غير قابل للتنفيذ بالنسبة إلى دولة مستقلة بالكامل وذاتية الحكم، لذا مررت مشروع قانون الأسواق الداخلية. في هذا السياق، اعترف وزير الدولة لشؤون إيرلندا الشمالية براندون لويس أن ذلك القانون ينتهك اتفاق الانسحاب لأنه يطالب بإعادة فرض سيادة بريطانيا على إيرلندا الشمالية.
لا شك أن الاتحاد الأوروبي ليس مسروراً بهذه التطورات، لذا وجّه هذا الأسبوع “إشعاراً رسمياً” إلى حكومة بوريس جونسون، وقد تُرفَع قضية ضد الحكومة البريطانية في نهاية المطاف أمام محكمة العدل الأوروبية. تعتبر بروكسل أن المملكة المتحدة انتهكت المادة الخامسة من اتفاق الانسحاب، وهي تُلزِم الطرفين بالتعاون معاً بحسن نية. يلجأ الاتحاد الأوروبي مجدداً إلى “عملية السلام في إيرلندا” التي أثبتت فاعليتها ويحاول بذلك اعتبار تحركات الحكومة البريطانية تهديداً للاتفاق الذي أنهى أعمال العنف في إيرلندا الشمالية. احتجّت المفوضية الأوروبية على ما يحصل عبر الموقف التالي: “لا يقبل الاتحاد الأوروبي بالفكرة القائلة إن مشروع القانون يهدف إلى حماية “اتفاق الجمعة العظيمة” أو “بلفاست”، بل إنه يحقق هدفاً معاكساً”.
لحسن الحظ، يبدو أن مكاسب الاتحاد الأوروبي بدأت تتراجع أخيراً نتيجة إصراره على إظهار الباطل بهذه الطريقة الشائكة، ومن المتوقع أن تستمر الدعوى القضائية التي رفعها للتو ضد المملكة المتحدة لسنوات عدة قبل التوصل إلى حل.
من الناحية الإيجابية، ستكون المملكة المتحدة قد تحررت بالكامل من نظام الاتحاد الأوروبي القانوني (بما في ذلك أحكام محكمة العدل الأوروبية) بحلول نهاية هذه السنة، وتبقى التهديدات الصادرة هذا الأسبوع سياسية بطبيعتها ويدرك جميع الأفرقاء أن أحداً لا يستطيع تنفيذها. يبدو أن الأوروبيين يريدون بهذه الطريقة أن يثبتوا للبريطانيين مدى جدّية تحركاتهم، لكن يكشف تصرفهم أنهم خسروا براعتهم في التعامل مع بلدان أوروبية أخرى كجهات مساوية لهم دبلوماسياً.
بدأ الوقت يمرّ ولن يتمكن الاتحاد الأوروبي قريباً من تهديد المملكة المتحدة ومضايقتها عبر اتخاذ إجراءات قانونية بحقها من داخل جهازه التكنوقراطي الخاص، وتبقى هذه “الإجراءات القانونية” مجرّد نوبة غضب عاجزة وأخيرة تطلقها المفوضية الأوروبية رداً على اقتراب الاستقلال البريطاني الحتمي.