بقلم: عمر علي البدوي – العرب اللندنية
الشرق اليوم– لم تمض أيام على كلمة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام أعمال الدورة الأخيرة لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأدان خلالها بشدة النظام الإيراني الذي يعمل على بث “الكراهية والطائفية والتطرف” في منطقة الشرق الأوسط، ووجه اتهامات مباشرة لإيران بالوقوف وراء هجمات على منشآت نفطية سعودية، حتى أعلنت رئاسة أمن الدولة في السعودية عن إحباط مخطط إرهابي واعتقال خلية إرهابية تلقّى عناصرها تدريبات في مواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني، وفي غضون أسبوعين من بدء محاكمة مجموعة مشابهة في البحرين تدربت في إيران على “تنفيذ تفجيرات وبث الفوضى” فيها .
وعاد مجلس الوزراء السعودي ليجدد الثلاثاء، تأكيد المملكة على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي موقفا حازما تجاه إيران، والتعامل الجاد حيال تجاوزاتها المرتبطة ببرنامجها النووي أو سلوكها التخريبي.
يشكل هذا الشريط القصير من نشاطات طهران التخريبية في المنطقة وردود فعل جيرانها الغاضبين، نموذجا مثاليا لسلوكها السلبي والسيء، ويؤكد ضرورة التمسك بمعاقبة النظام وتحميله مسؤولية ما يدخره للمنطقة من وعود الخراب والفوضى.
تنشد دول الخليج العربي فرصا مؤهلة للنجاح والخروج بالمنطقة من أزماتها المتلاحقة، السعودية على وشك أن تطلق فعاليات قمة العشرين بوعودها الاقتصادية الزاخرة، والإمارات والبحرين تقودان زخما دبلوماسيا من شأنه أن يغير وجه المنطقة، فيما تعالج كل من عمان والكويت وقائع التغيير في سدة الحكم وتستعدان للسفر الضروري نحو مشاريع التنمية والرفاه الاقتصادي وتثبيت دعائم الاستقرار.
إيران وحدها غارقة في خيباتها الاقتصادية، توزع التهديدات، وتشحن طاقتها العسكرية الكاملة، على حدودها المحمومة، وحسب طاقتها الانتشارية في المياه الإقليمية والممرات الدولية، وتبذل وسعها للحفاظ على أدواتها في غزة ولبنان وسوريا واليمن، في حال اضطرت إلى استخدامها في وجه التآكل الداخلي الذي تقاسيه، إنها وصفة كاملة ومرشحة للانفجار في أي وقت.
في المقابل، قطر عالقة في تناقضاتها، بعد أن اضطرت إلى نفي علمها بنية وزير خارجيتها السفر إلى تركيا للانضمام إلى اجتماع ثلاثي بنظيريه التركي والإيراني في مدينة إسطنبول، وفق ما ذكرته وكالة مهر الإيرانية، لكن سلة العقوبات التي جددت الإدارة الأميركية فرضها على النظام الإيراني، وإعادة الضوء إلى عواقب سلوكه التخريبي في المنطقة، اضطرتا الدوحة إلى التخفيف من علانية تطوير تنسيقها مع طهران في ظل هذه الظروف غير المشجعة.
هل المنطقة مقبلة على سيناريو أسوأ؟
تشدد كل من السعودية والبحرين وحكومة اليمن على ضرورة اتخاذ موقف دولي من سلوك طهران المزعزع لاستقرار المنطقة، وتوجه عدد من الدول الأوروبية سيلا من الانتقادات لأوضاع حقوق الإنسان في إيران، واستدعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، في خطوة مشتركة، السفراء الإيرانيين في لندن وبرلين وباريس للاحتجاج على اعتقال المواطنين والمعاملة السيئة للسجناء السياسيين، في المقابل تتهمها طهران بالتسييس والانتقائية والتقاعس عن اتخاذ موقف تجاه التصعيد الأميركي ضد إيران.
وتهدد إسرائيل بأنها “لا تستبعد توجيه ضربة استباقية إلى إيران لمنع تموضعها قرب الحدود الشمالية للبلاد”، في إشارة إلى الجنوب اللبناني، أو ربما في سوريا، خصوصا قرب مرتفعات الجولان المحتلة.
وتلوم فرنسا وكيل إيران الأصيل حزب الله بتفويت الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلد، واتهمته مع شريكه الطائفي وبقية فرقاء السياسة اللبنانية بخيانة التعهدات.
كل المؤشرات ترفع أصابع التحذير والاتهام إلى طهران، ولا يمكن إنقاذ النظام من نتائج أفعاله، فإصراره على المواصلة في نهجه التخريبي يعمق من الثمن الذي سيتكبد دفعه ولو بعد حين، ويؤبد حالة اللااستقرار وعدم اليقين في المنطقة ويجعلها دائما عرضة للأسوأ.