بقلم: نوفل آل صياح الحمداني
الشرق اليوم- إن فعل النهب واللصوصية فعل اشتهر به الشذاذ والصعاليك في كل زمان ومكان، فكان ديدنهم النهب، والسلب، والقتل، وكانت أفعالهم لا تمت الى الأخلاق بصلة الا تصنعهم وتمثيلهم للوصول إلى غاياتهم.
لقد كان التاريخ شاهداً على شخوص وحركات كان مبنية على النهب والفساد والافساد، فنشروا الخراب والدمار في الاصقاع، واهلكوا الحرث والنسل، فأولهم الشيطان، وبعده من الأنس فرعون الطاغية، وهولاكو، وجنكيز خان، وهتلر، وموسوليني.
إلا أن هناك نقطة مهمة تصف الناهب، إلا وأنه يتصف بصفات كالخبث، والحيلة، وانعدام الكرامة، وعدم معرفة الله تعالى.
بل وقد اثبتت الاحصائيات ان شاكلة هؤلاء لا يتصف بالوطنية، وليس في أصله أو عروقه شيء يمت للبلد بصلة، لذلك تراه يتعامل مع البلد معاملة الغريب الحقود الطالب بثأر مبيت.
نعم، تشير الوثائق التاريخية ان فعل السرقة واغتصاب الأموال العامة كان موجوداً منذ القدم.
وإن آفة اللصوصية، ومنظومة سرقة ثروات الأوطان على يد الحكام والقادة والسياسيين والمتنفذين والمستبدين.
ومن والاهم من خدم وأعوان أصبحت ظاهرة مستشرية في المجتمعات الى يومنا هذا.
إن الاوطان هي التي تكون ضحية سلوكيات نهب الثروات، ومن بعدها الشعوب المغلوبة على أمرها.
إن الدول المنهوبة عادة ليست هي الفقيرة من حيث طابعهاوتصنيفها في قوائم العالم فقط، بل غالباً ما تكون من البلدان الغنية من حيث الموارد الطبيعية مثل النفط والمعادن والثروات الطبيعية.
كما وتشير الأدبيات أن هناك علاقة بين الاستبداد السياسي والفساد السلوكي اللصوصي، أي أن المسؤول المستبد إنما يدفعه طغيانه وتحكّمه في مقاليد السلطة إلى النهب والسرقة واستحلال موارد وثروات الوطن، حيث لا رقيب ولا حسيب يواجهه، وهو ما يفضي إلى حرمان جماهير الشعب، وإصابة أوسع قطاعاته بآفات الفقر والجهل والمرض.
في العراق البلد الذي يمتلك من الثروات النفطية والطبيعية والمعدنية ما تتمناه بلدان عديدة، إذا ما تم استثمارها بالشكل الصحيح ستسهم في حل الكثير من مشكلات العراق وأزماته،
ولكن تسلط الحكومات الناهبة التي كلفها المحتل في 2003 بحكم العراق عملت على ابتكار شتى الأساليب الملتوية ضد الشعب لتنفيذ مآربها وسلوكياتها اللصوصية في نهب ثروات العراق بدهاء واحتيال على القوانين سواء (بالرواتب الضخمة والحوافز والمكافآت، ومنها التي تصرف لشخصيات فضائية، أو بالعقود الوهمية، أو الكومشنات النفعية، أو الزيارات الترفيهية، والعمليات التجميلية، أو استملاك الأراضي والمساكن بطرق غير مشروعة وبمبالغ زهيدة، والاستحواذ على رواتب الموظفين والمتقاعدين بعد الاستقطاع منها بحجج واهية) مما انعكس ذلك على تنامي أزمات الفقر والمجاعة والمرض والبطالة بين شرائح المجتمع المختلفة.
رغم مطالبة الشعب للحكومات المتتالية بحقوقه المشروعة في تحقيق العدالة لتوزيع الثروات بشكل عادل؛ ليعيش حياته الكريمة الآمنة، ولكن لم يلقى آذان صاغية لمطالبه، مما دفع الكثير من فئات الشعب العراقي إلى التظاهر ضد هذه الحكومات الناهبة لثرواته، والذين يستخدمون ويتكؤون في توجههم للنهب على منطق القوة والتسلط والاحتيال، واللعب على وتر قضايا مزيفة، وتجنيد ضعاف النفوس لخدمة مصالحهم من خلال طرق غير مباشرة وملتوية، وبالأخص منهم المندسين بين المتظاهرين مقابل ثمن زهيد ومغريات تافهة لتشويه وتحريف اهداف التظاهرات السلمية الشرعية المطلبية، والتي تريد إرجاع البلد المنهوب من الحكومات التي نهبته.
طالب المتظاهرون بإزاحة هذه الزمر الناهبة لثروات العراق، ومحاسبة الفاسدين، وردع المتلاعبين بقوته وارزاقه،
وقد توجت هذه التظاهرات الشعبية التي انطلقت في عموم مدن العراق بثورة تشرين الجماهيرية العارمة 2019.
نحن إذ نستذكر مرور العام الأول على ثورة تشرين العراقية السلمية ضد الحكومات الناهبة الظالمة المستبدة، فإن الثوار مصممين على الاستمرار بثورتهم وبإرادة عالية على نفس خط الشروع لقلع هذه الحكومات ومحاسبة الناهبين لأموال العراق وثرواته وتقديم المجرمين بحق الشعب العراقي وثواره للعدالة.
عاش العراق وعاشت ثورة تشرين البيضاء وأبطالها، ورحم الله شهداء الثورة التحررية في سبيل التخلص من كل الناهبين، وإرجاع العراق المنهوب الى شعبه الحقيقي.