الشرق اليوم- يسعى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بكل قوة إلى تثبيت نفسه وفرض سلطته أمام التغول الكبير للأحزاب والميليشيات الموالية لإيران ونفوذها الواسع في البلاد منذ 2003.
وتتراكم الملفات والمطالب أمام الحكومة العراقية الحالية منذ تسلمها لمهامها بعد أن دفعت الاحتجاجات الشعبية إلى استقالة رئيس الوزراء آنذاك عادل عبدالمهدي في الأول من ديسمبر 2019.
وشكلت ملفات حصر السلاح بيد الدولة وعمليات الاغتيالات والاختطاف واستهداف البعثات الدبلوماسية محل نقاش واسع في العراق، وأدى هذا الأمر إلى صدام علني بين الحكومة والأحزاب والميليشيات الموالية لطهران.
وعمل الكاظمي على تحديد موعد لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في السادس من يونيو 2021، أي قبل عام تقريبا من الموعد المحدد، حيث يعمل البرلمان على مناقشة النقاط الأساسية في القانون الانتخابي الجديد، بما في ذلك حجم الدوائر الانتخابية وما إذا كان المرشحون لتلك الانتخابات سيخوضونها بشكل مستقل أو على قوائم.
وقال عبدالحسين الهنداوي مستشار رئيس الحكومة العراقية لشؤون الانتخابات إن “المحتجين أرادوا انتخابات مبكرة وقانونا انتخابيا جديدا. نحن نقوم بترتيب ذلك”، في إشارة إلى إصرار الكاظمي على تنفيذ مطالب المحتجين الذين خرجوا ضد الفساد والأحزاب الموالية لإيران في أكتوبر 2019.
وعلى الرغم من التأكيدات المتكررة بأنه ليس لديه طموحات سياسية ولن يعمل إلا كرئيس وزراء انتقالي، يبدو أن الكاظمي يستعد لخوض معركة انتخابية.
وقال عدد من نواب البرلمان وأعضاء الأحزاب المتنافسة لوكالة فرانس برس إن مستشاري رئيس الوزراء يبحثون عن مرشحين لانتخابات عام 2021، على أمل أن يتمكن من الحصول على فترة ولاية جديدة.
ويرى ريناد منصور، الباحث في تشاتام هاوس في المملكة المتحدة، أن رئيس الوزراء العراقي “عالق، عليه اتخاذ قرار بشأن المكان الذي يريد أن يكون فيه: هل يريد أن يصبح رئيسا للوزراء لمدة أربع سنوات أخرى ويمارس السياسة، أم يريد تغيير شيء ما الآن؟”.
وتعهد الكاظمي منذ وصوله إلى السلطة بإجراء حلول سريعة لمعالجة أزمة مالية حادة، وخفض رواتب موظفي القطاع العام وإعادة تدقيق المعاشات ومحاربة الفساد المستشري في الإدارات الحكومية وتنفيذ مطالب المحتجين العراقيين.
ولدى رئيس الوزراء العراقي عدد قليل من الحلفاء في البرلمان، حيث شعر النواب المؤيدون لإيران بالقلق من إشاراته إلى مطالب المحتجين.
وقال منصور “إنه يراعي في آن واحد معسكر النخبة والمعسكر المناهض للمؤسسة، وفي نهاية المطاف، سينتهي به الأمر بعدم إرضاء أي من الطرفين”.
وواجه الكاظمي تحدي الوفاء بوعده تقديم المسؤولين عن مقتل ما يقرب من 600 متظاهر وناشط منذ أكتوبر الماضي إلى العدالة، وعملت حكومته على تقديم تعويضات لعائلات الضحايا، لكن لم يتم صرف أي أموال حتى الآن.
كما شكل ملف الاغتيالات والاختطاف أبرز التحديات أمام رئيس الوزراء العراقي، الذي أرسل على الفور قوات أمنية لملاحقة مختطفي النشطاء في الناصرية جنوب العراق، إضافة إلى قوات أخرى لملاحقة مطلقي الصواريخ صوب المقرات الدبلوماسية العاملة في بغداد.
وكانت عملية اغتيال الباحث والمستشار الحكومي هشام الهاشمي في يوليو وخطف مواطنة ألمانية نقطة تحول في طريقة عمل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وفرضت تحديات واسعة أمام حكومته لانتشال البلاد من فوضى الميليشيات. وتبدو المهمة صعبة.
وصرح مسؤول عراقي طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس، “نعرف من هم القتلة ومكانهم، لكن لا يمكننا اعتقالهم أو الإعلان عن ذلك، لأنه أمر بالغ الحساسية”.
وازدادت الهجمات الصاروخية على البعثات الدبلوماسية والأرتال اللوجستية العسكرية، وأصبحت الجماعات المتشددة أكثر جرأة في تهديداتها ضد رئيس الوزراء.
ومساء الاثنين قتل ستة مدنيين ينتمون إلى عائلة عراقية واحدة في سقوط صاروخ على منزلهم المجاور لمطار بغداد حيث ينتشر جنود أميركيون.
وأشار منصور إلى أن العديد من هذه الفصائل تندرج في إطار هيئة الحشد الشعبي التي أصبحت تشكيلا حكوميا، وعدم قدرتها على بسط سيطرتها الكاملة عليها جعل الكاظمي يبدو “ضعيفا”.
وأضاف أن “التحدي في العراق هو أنه لا يمكن لرجل واحد أن يصلحه، لكن بالتأكيد ليس رجلا يؤمن بالتغيير التدريجي البطيء في وقت يكون فيه العنف مثل هذا السياق”.
المصدر: العرب اللندنية