بقلم : نوفل آل صياح الحمداني
الشرق اليوم- إن ركوب الموجة لعبة رياضية تتطلب استحضار القوة والإمكانيات لتحدي قوة وارتفاع الموجة المائية وتحقيق الفوز النهائي..
تنعكس ممارسة هذه اللعبة في الواقع السياسي كوسيلة تمارسها الحكومات الطاغية من اجل السيطرة على الشعوب وقمع رفضها لمشاريعها الاستبدادية.
يستغل الكثير من السياسيين الازمات التي تعيشها الشعوب وكل واحد منهم يستطلع الامور من برجه العاجي ويقيسها ليتجه نحو ركوب الموجة عسى ان يصبح بطلا لقيادة الجماهير وتركيعها نحو غاياته ونزواته وأهدافه.
إن ركوب الموجة لعبة يتقنها اصحاب المآرب الخاصة، بهدف الاستفادة من الظروف للحصول على المكاسب، حيث يراقب هؤلاء الاوضاع بدقة متناهية، للانقضاض على الفريسة في الوقت المناسب.
إن من يعمد لركوب الموجة يستغل حالة الفوضى والنزاعات السياسية والمذهبية والطائفيةالتي يعيشها المجتمع وبطريقة احترافية فهو يستقرأ الواقع بدقة للدخول في اللعبة، واستخدامها كورقة رابحة لتعظيم المكاسب الخاصة وباقل الخسائر.
تمثل لعبة ركوب الامواج مجموعة من الاستراتيجيات الماكرة التي تتنوع بالاهداف لدى من يمارسها من المهووسين بالسياسةللسيطرة على قيادة المجتمع وخداع الشعوب وفق سياسة المكر والدهاء للتحكم فيها وسوقها الى ما يريده الحكام.
يعزز تنفيذ هذه الاستراتيجيات حالة الفراغ الناجمة عن الحراك الاجتماعي والتي تتطلب الكثير من الحيل والاعيب من خلال تقديم بعض الوجوه الفاسدة المراوغة وتلميعها بطريقة احترافية، مما يسهم في اعطاءتلك الشخصيات مكانة متقدمة، بهدف سرقة جهود واعمال الشريحة الكبرى من الشعب.
اي انها فرصة الفئات الاستغلالية للصعود على الاكتاف، من خلال نسج سيناريو بطولي استثنائي للشخصيات المراد تلميع صورتها، ولفت الانتباه وتجيير الكثير من الانجازات لصالح تلك الفئات الاستغلالية.
إن التاريخ الحديث يعج بالكثير من النماذج المستغلة، التي عمدت لركوب الموجة بطريقة متقنة للغاية، ومحاولاتها حرف الحراك الاجتماعي لتبقى قائمة ومسيطرة على المشهد السياسي وتحقيق مشاريعها ومآربها مستثمرة الامكانيات الشخصية والنفوذ الاجتماعي كأدوات اساسية للقفز على الاكتاف وتصدر المشهد والنجاح في هذه المحاولات على مختلف الاصعدة.
إن اقرب وصف لهذا الواقع هو المشهد السياسي العراقي المتأزم منذ عام 2003 والى يومنا هذا اذ تتفاقم فيه الازمات السياسية والاقتصادية والخدمية وآخرها الازمة الصحية وغيرها من الأزمات.
وحيث ان الشعب العراقي الذي يعاني من هذه الازمات الحادة منذ اكثر من ١٦عاماً لم يعد يمتلك الثقة بالحكومات المتسلطة عليه لتحقيق مطالبه فقد تبنت فئاته الشابة لمواجهلة هذه اللامبالات الحكومية والتصدي لتلك الازمات المفتعلة من خلال التظاهرات السلمية العفوية النابعة من الحس الوطني للمطالبة بالحقوق المشروعة والحياة الكريمةبعيدا عن كل التوجهات السياسية والحزبية والطائفية والمناطقية منددين ومستنكرين الاوضاع المتردية التي خلفها سوء ادارة الحكومات المتسلطة في العراق منذ ٢٠٠٣ .
ولكن نجد هناك عدد من السياسيين ورجال الدين ومنذ انطلاق موجة التظاهرات وابرزها تظاهرات تشرين ٢٠١٩ يستحضر قوته وامكاناته ويبرز عضلاته لركوب موجة التظاهرات وايهام المتظاهرين بمساندتهم والوقوف الى جانبهم لتحقيق مطالبهم والاقتصاص من الظالمين والمجرمين وتقديمهم للعدالة.
الا انه يخفي خلف قناعه السياسي والديني اهدافاً ومآرب شخصية ليحقق الفوز والعبور على هذه الموجة الجماهيرية العارمة وليتصدر الموقف السياسي والوسط الشعبي ويكون البطل المنتظر لقيادتهم.
ولكنه رغم جهوده ومكره ودهاء اساليبه لايستطيع تحقيق استراتيجيته مما يؤدي الى تأزم الامور ويرجع مكسور يجر أذيال الخيبة خلفه.
واذ ان العراق يترقب استمرار التظاهرات الشعبية قريباً يلوح في الافق ان هناك من يسعى لركوب الموجة واختراق صفوف المتظاهرين بدس ذيوله بين المتظاهرين وبايعاز حكومي ممنهج يخفي وراءه اهداف سياسية لقمع هذه التظاهرات قبل انبلاجها واخماد شعلتها.
ولكن في المقابل فان الشعب وشبابه الثائرالمتظاهر قد فطن لهذه الاساليب ووعى لاختيار طريق الحق وكشف اساليب الذين يسعون لركوب الموجة، واجهاض الباطل مهما غلت التضحيات.
عاش العراق وعاش ثوار شعبه الابطال