الشرق اليوم– اضطر ائتلاف دولة القانون إلى الكشف عن بعض تفاصيل زيارة زعيمه نوري المالكي السرية إلى إيران، بعدما تسربت أنباء عن ارتباطها بتحرك سياسي جديد، يرعاه مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي شخصيا، ويستهدف إرباك سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
وقال مكتب المالكي إن الأخير وصل إلى إيران يوم الأحد “في زيارة خاصة تستغرق عدة أيام”، مشيرا إلى أن المالكي الذي يتزعم حزب الدعوة الإسلامية في العراق، سيلتقي “عددا من المسؤولين الإيرانيين، وكذلك سيجري خلال الزيارة فحوصات طبية روتينية”.
ووجد مكتب المالكي في بغداد نفسه محاطا بالأسئلة، بعدما تسرب أن زعيم دولة القانون غادر إلى طهران في زيارة سرية، للقاء مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي ومسؤولين في الحرس الثوري، يتقدمهم إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، المكلف بإدارة الملف العراقي.
وتعلّقت الأسئلة بمدى ارتباط زيارة المالكي إلى طهران بتحرك سياسي في بغداد يستهدف الضغط على الكاظمي، أو الدفع باتجاه سحب الثقة منه، إذا لم يراجع مساعيه للابتعاد عن إيران والاقتراب من الولايات المتحدة والسعودية.
وتقول مصادر سياسية في بغداد إن مواجهة الكاظمي إعلاميا لن تنتهي لمصلحة القوى السياسية المقربة من إيران، وفي مقدمتها حزب الدعوة الإسلامية وائتلاف دولة القانون وزعماء الميليشيات المسلحة، بسبب التأييد الشعبي النسبي الذي يحظى به رئيس الوزراء حاليا، لاسيما داخل الأوساط الشبابية الشيعية، ما يعني ضرورة البحث عن بديل.
ويرى الكاتب العراقي فاروق يوسف أن إيران تحتاج، في مرحلة المواجهة مع حكومة الكاظمي، إلى استعادة خدمات المالكي الذي صار وجوده شبحيا بعد أن تم الاستغناء عن خدماته على المستوى المحلي.
وقال يوسف في تصريح لـ”العرب” إن إيران تعرف أن المالكي سيفعل كل ما تطلبه منه بسبب ظرفه العصيب، لذلك فإنها تعول عليه في عملية إشاعة الفوضى الداخلية التي سترافقها عمليات قصف قد تطال القوات العراقية إضافة إلى المصالح الأميركية.
وردا على سؤال هل سينجح المالكي في مسعاه؟ قال يوسف إن ذلك ليس مضمونا بسبب أن الكثير من رجال حزب الدعوة قد انفضوا من حول المالكي واعتبروه ورقة محروقة، مشددا على أن إيران لن تخسر شيئا فالمالكي ليس رهانها الوحيد.
وترى القوى السياسية والميليشياوية التابعة لإيران أن خلط الأوراق على المستوى الأمني ربما يربك حسابات الكاظمي ويظهره عاجزا، قبيل استحقاق انتخابي، ربما يكون حاسما في تحديد أوزان القوى الفاعلة في الشأن السياسي العراقي. لأجل ذلك كثفت الميليشيات من عمليات استهداف قوات التحالف الدولي والقوات الأميركية في العراق، دون أن تتبنى العمليات بشكل علني.
وفي وقت متأخر من مساء الاثنين، شن مجهولون هجوما صاروخيا عنيفا على مبنى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء المحصنة، وسط بغداد.
وسقط أحد الصواريخ في محيط السفارة، فيما تصدت الدفاعات الجوية الأميركية لصواريخ أخرى، عبر رشقات متقطعة من المقذوفات، دامت دقائقَ وأحدثت الكثير من القلق في محيط موقع المواجهة، الذي يتوسط أهم مناطق بغداد وأشدها اكتظاظا بالسكان.
وتلقي مثل هذه التطورات بظلال من الشك على قدرة الحكومة العراقية في بسط الأمن فعليا، وتأمين البعثات الدبلوماسية وحماية المؤسسات المدنية والعسكرية.
وتقول مصادر سياسية إن زيارة المالكي إلى طهران ربما تشتمل على تفاهمات مع خامنئي وقادة الحرس الثوري الإيراني بشأن زيادة التصعيد الأمني ضد حكومة الكاظمي في بغداد، بذريعة مقاومة القوات الأميركية المحتلة.
ويمثل المالكي إحدى الواجهات السياسية الرئيسية لما يُعرف بمشروع المقاومة الإسلامية الذي تديره إيران في المنطقة، لكنه يحرص على فصل نفسه عن الشخصيات الميليشياوية، إعلاميا، كي لا يدفع ضريبة ذلك شعبيا.
وبفضل المالكي تناسلت الكثير من الميليشيات، عندما كان رئيسا للوزراء بين 2006 و2010، إذا أسهم في إطلاق العديد من قادتها المحتجزين في المعتقلات العراقية والأميركية خلال تلك المرحلة، ووفر الدعم للعديد منهم كي يطوروا عمليات التجنيد والتسليح.
وشجع المالكي متهمين بقضايا على صلة بأحداث العنف الطائفي عام 2006 على الانشقاق من ميليشيا جيش المهدي التي أسسها رجل الدين مقتدى الصدر، وتشكيل جماعات مسلحة جديدة، مثل عصائب أهل الحق وحركة النجباء وغيرهما.
ويراهن المالكي الذي يحظى بتقدير خاص في طهران على العودة إلى صدارة المشهد السياسي العراقي بقوة في المرحلة القادمة، بعدما جرى تهميشه في الأعوام الستة الأخيرة بضغط من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.
ويعتقد السيستاني أن خامنئي استخدم المالكي سنوات عدة في دفع شيعة العراق إلى خوض صراعات دموية في سوريا واليمن نيابة عن إيران.
ويقول مراقبون إن المالكي يريد أن يكون مستعدا للقفز من أجل شغل أي فراغ سياسي ناجم عن تصعيد أمني متوقع في بغداد، مع اقتراب الانتخابات، ورغبة الميليشيات الموالية لإيران في تفجير نزاعات تسلط الضوء على العجز الحكومي.
المصدر: العرب اللندنية