بقلم: فاروق يوسف – العرب اللندنية
الشرق اليوم- نحن جميعا نكره إسرائيل. ذلك ما تعلمناه في الصغر. إسرائيل هي مجموعة جرائمها في حق الفلسطينيين الذين هم أخوتنا.
لم يكن هناك من يحب إسرائيل التي لا نزال نجهل كل شيء عنها. نعرف أسماء رؤساء حكوماتها الذين يتغيرون بين حين وآخر فيما كان حكامنا الجمهوريون يحكمون إلى الموت. أكثر من عشرة رؤساء وزراء إسرائيليين مقابل صدام حسين واحد.
في المقابل اتضح أن هناك من بيننا مَن يحب إيران التي تكرهنا علانية. دولة إسلامية تكره إسلامنا. تنظر إلى تاريخنا بغضب. حين وصل أتباعها إلى الحكم في العراق محوا من المناهج الدراسية كل ما يشير إلى الحضارة العربية. بالنسبة للإيرانيين فإن هارون الرشيد عدو بغيض لذلك فقد أهمل أتباعهم في بغداد الشارع الرئيس الذي يحمل اسمه وحولوه إلى مزبلة.
أضرت إسرائيل مرة واحدة بالعراق حين قصفت مفاعله النووي “تموز” أما إيران فإنها نزعت من العراق هويته وطنا للعراقيين وصار عبارة عن حديقة خلفية لنزاعاتها مع العالم من خلال نشر ميليشياتها المسلحة فيه. فلم يعد العراقي يتعرف على وطنه. تلك بلاد ذهبت إلى غيابها.
كان العراقيون يجمعون على كراهية إسرائيل التي لم يكونوا يعرفون إن كان مواطنوها يكرهونهم أم لا. أما كراهية الإيرانيين للعرب فهي أمر لا يمكن التستر عليه. ذلك لأن الإيراني العادي يفصح عنه في كل مناسبة.
هل تربي إسرائيل أطفالها على كراهية العرب؟ لا أعرف غير أنني على يقين من أن إيران ترضع أطفالها كراهية العرب مع الحليب. لم يخترع الإيرانيون أبجدية خاصة بلغتهم لذلك لجأوا مضطرين إلى الأبجدية العربية. الحروف العربية تذكر الإيرانيين بذلك النقص فتزيد من حقدهم على العرب.
كان نبي الإسلام عربيا. تلك عقدة إيرانية لا حل لها. في مواجهة تلك العقدة اخترع الإيرانيون حلولا مذهبية تكاد تخرجهم من الإسلام. أما اليهود فإنهم لا يحملون مثل تلك الضغائن. كما أن إسرائيل وإن جعلت من الدين غطاء لها فإنها في سلوكها السياسي دولة ليست دينية.
إسرائيل أضرت مرة واحدة بالعراق حين قصفت مفاعله النووي “تموز” أما إيران فإنها نزعت من العراق هويته وطنا للعراقيين وصار عبارة عن حديقة خلفية لنزاعاتها مع العالم من خلال نشر ميليشياتها المسلحة فيه
لا تتعامل إسرائيل مع الآخرين من خلال وليها الفقيه والحرس الثوري التابع له. أما إيران فإن التعامل معها يفرض طاعة وليها الفقيه والسماح لحرسه الثوري بالهيمنة على البلاد وحرق ماضيها ونهب ثرواتها وإفقارها وتمزيق بنيتها الاجتماعية.
لو لم تكشف إيران عن وجهها القبيح لما انتبه أحد إلى تفاهة التربية المدرسية التي علمتنا منذ الصغر كراهية إسرائيل ولم تعلمنا كراهية إيران.
كان الإيرانيون يكرهوننا. قبل الخميني ومعه وبعده. أما الإسرائيليون فنحن لا نعرف عنهم سوى الحكاية التقليدية التي إن قبلنا بها أو رفضناها فإنها صارت أشبه بالحقيقة. وصار علينا أن نعترف بأننا فشلنا في التعامل معها من أجل أن نحافظ على حقوقنا.
يمكن النظر إلى الصراع الإسرائيلي العربي في سياق ذلك المنظور. هناك على مستوى القانون الدولي حقوق فلسطينية لا بد أن يحصلوا عليها. ولكن الصراع مع الإيرانيين ليس فيه شيء من المفردات القانونية. إيران لا تعترف بالقانون الدولي وهي دولة لا يهمها سوى أن تحول الأرض العربية من حولها إلى ساحة حرب.
عبر الأربعين سنة الماضية كانت إيران حاضرة في الحياة العربية من خلال حروبها وميليشياتها. ولم تصدر إلى الدول العربية التي انفتحت عليها سوى الموت.
في كل مناسبة كانت إيران تؤكد أن لا جدوى من حبها.
ليس المطلوب هنا أن نحب إسرائيل بل المطلوب أن نفهم بالتحديد الآليات التي يمكننا من خلالها التعامل معها ليحصل الفلسطينيون على حقوقهم وهو ما لا يمكن أن يتحقق مع إيران التي لا يمكن أن ينجح معها أي مسعى من أجل أن تكف عن التدخل في شؤوننا ما دامت ميليشياتها على قيد الحياة.