BY: Eleanor Albert – The Diplomat
الشرق اليوم- رغم الأهمية التي تعطيها الدول الأوروبية للشراكة الاقتصادية مع الصين، فإن من الواضح أن مسائل حقوق الإنسان في بر الصين الرئيسي والأراضي الصينية لم تعد خارج النقاش في الاجتماعات الرسمية، ومع ذلك لم تصل الانتقادات الأوروبية بعد إلى مستوى التوبيخ المباشر.
بدأ وزير الخارجية الصيني وانغ يي جولة دبلوماسية في أوروبا خلال الأسبوع الأخير من شهر أغسطس ومرّ بإيطاليا وهولندا والنرويج وفرنسا وألمانيا، إنها أول رحلة يقوم بها وانغ منذ تفشي فيروس كورونا، لكنها تتزامن أيضاً مع زيادة الشكوك في أوروبا حول احتضان المنطقة للصين، يمكن اعتبار رحلة وانغ جزءاً مألوفاً من عمل أي دبلوماسي صيني رفيع المستوى، لكنها كانت في الوقت نفسه محاولة للحد من الأضرار في ظل تصاعد الانتقادات لطريقة تعامل بكين مع فيروس كورونا. في الأساس، أراد وانغ أن يمنع وصول الموقف الأمريكي المتشدد من الصين إلى منطقة الأطلسي وأوروبا الغربية. في النهاية، كانت نتائج الجولة متفاوتة.
بعيداً عن الجهود الرامية إلى إيجاد نقاط مشتركة مع الشركاء الأوروبيين لتجديد استقرار سلاسل الإمدادات والتجارة، حاول وانغ طرح مسارٍ مرتقب لإقامة تعاون متعدد الأطراف يهدف إلى مواجهة التحديات العابرة للحدود. لم تكن الكلمات التي اختارها في كل بلد عشوائية، فقد حرص على إظهار التناقض بين تعامل واشنطن مع العلاقات الخارجية في عهد ترامب والتزام بكين بـ”الوحدة والتعاون والانفتاح”.
كذلك، حملت رسالة وانغ تحذيراً ضمنياً حول التداعيات المحتملة وزعزعة الاستقرار التي تُمهّد لـ”فك الترابط بين الدول” ونشوء “حرب باردة جديدة” وانتشار نزعة أحادية الجانب (في إشارة إلى التوتر المتصاعد مع الولايات المتحدة). في الوقت نفسه، لم يعترف وانغ بمسؤولية الصين عن تأجيج العداء بين أكبر اقتصادَين في العالم، وترك دفاعه عن التعددية الصدى المطلوب في عواصم الاتحاد الأوروبي على الأرجح لأن هذا التوجه يعكس جوهر المشروع الأوروبي. لكن لا تتطابق جميع مفاهيم التعددية بين بكين وشركائها الأوروبيين.
رغم مساعي وانغ لإقامة علاقات تُرضي الطرفين، لا تسيطر بكين بالكامل على هذا التوجه، فقد اعتبر وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو لقاءه مع وانغ “مثمراً جداً” وعبّر عن نية إيطاليا إعادة إطلاق الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية الثنائية، لكنه نوّه إلى ضرورة الحفاظ على استقلالية هونغ كونغ وحقوقها وحرياتها. ثم لحقت المخاوف المرتبطة بحقوق الإنسان وانغ إلى هولندا حيث تطرّق وزير الخارجية، ستيف بلوك، مع نظيره الصيني إلى مسألة هونغ كونغ وسياسة الصين في “شينجيانغ”. أما وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، والرئيس إيمانويل ماكرون، وحتى وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، فتكلموا جميعاً عن حقوق الإنسان في هونغ كونغ و”شينجيانغ”. ضغط ماس على الصين في أحداث “شينجيانغ” تحديداً وطريقة التعامل مع جماعة الإيغور، ودعا الصين إلى السماح لمراقبين من الأمم المتحدة بالدخول إلى المعسكرات، وأدان التهديدات الصينية ضد سياسي تشيكي ترأس وفداً إلى تايوان، وقد سافر الناشط المنادي بالديمقراطية في هونغ كونغ، ناثان لو، إلى بريطانيا بعد تمرير قانون الأمن القومي وقاد حركة احتجاجية شارك فيها المئات خارج وزارة الخارجية ودعا ألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات إضافية ضد الصين.
فيما تحتفل الصين والاتحاد الأوروبي هذه السنة بعلاقتهما القائمة منذ 45 عاماً، ستنتهي زيارة وانغ تزامناً مع وصول يانغ جيتشي إلى أوروبا. يانغ عضو في اللجنة المركزية للمكتب السياسي الحاكم ومدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للحزب الشيوعي الصيني، ومن المنتظر أن يزور إسبانيا واليونان هذا الأسبوع لتوسيع الجهود الدبلوماسية الصينية في أوروبا.
لكن رغم الأهمية التي تعطيها الدول الأوروبية للشراكة الاقتصادية مع الصين، فإن من الواضح أن مسائل حقوق الإنسان في بر الصين الرئيسي والأراضي الصينية لم تعد خارج النقاش في الاجتماعات الرسمية، ومع ذلك لم تصل الانتقادات الأوروبية بعد إلى مستوى التوبيخ المباشر، فحتى الآن ستبقى العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين غريبة برأي تيريزا فالون، من صحيفة “دبلومات”، وبسبب تفشي فيروس كورونا، وانتهاكات حقوق الإنسان وتدهور موقف الرأي العام من الصين في أنحاء أوروبا، قد يضطر القادة الأوروبيون لإعادة النظر بطريقة تصميم السياسات الوطنية والإقليمية تجاه الصين.