BY: Abhignan Reg – The Diplomat
الشرق اليوم- أصدرت الحكومة الهندية قبل أيام بياناً مفاده أن الجيش استبق توغلاً صينياً نحو الضفة الجنوبية من بحيرة “بانجونج”، مما يشير إلى انطلاق حقبة جديدة من النزاعات، وبعدها أصدرت الحكومة الصينية سيلاً من البيانات التي تتهم الهند بمحاولة تغيير وضع المراوحة في نقطتَين محددتَين من لاداخ الشرقية عبر تنفيذ تحرك عسكري.
بعد أربعة أشهر على بدء الأزمة العسكرية بين الهند والصين في لاداخ الشرقية، تَقِلّ المؤشرات على التوصل إلى حل سلمي في أي وقت قريب، ففي صباح يوم الاثنين الماضي، أصدرت الحكومة الهندية بياناً مفاده أن الجيش استبق توغلاً صينياً نحو الضفة الجنوبية من بحيرة “بانجونج”، ما يشير إلى انطلاق حقبة جديدة من النزاعات (حتى صدور ذلك البيان الهندي، ظن الكثيرون أن نقاط الاشتعال تنحصر في الضفة الشمالية من البحيرة، إلى جانب بضعة مواقع أخرى في لاداخ الشرقية).
بعد فترة قصيرة، أصدرت الحكومة الصينية سيلاً من البيانات حيث تتهم الهند بمحاولة تغيير وضع المراوحة في نقطتَين محددتَين من لاداخ الشرقية عبر تنفيذ تحرك عسكري، وفي الأيام القليلة الماضية، لم توضح الحكومتان حقيقة ما يجري بل ركّزتا على الوضع العام، وفي ظل غياب أي فرصة لإجراء تقارير ميدانية، اتكل معظم الصحافيين الذين يغطون التطورات هناك على مصادر حكومية مجهولة.
لكن عند مراجعة التقارير الإعلامية، تتّضح مسألتان مترابطتان وستؤثر كل واحدة منهما بقوة على مستقبل الأزمة الهندية الصينية والعلاقات الثنائية عموماً. من جهة، أصبح الموقع العسكري الهندي في لاداخ الشرقية راسخاً جداً اليوم. ومن جهة أخرى، تبدو نيودلهي مستعدة لاستعمال أدوات قوية لحل النزاع القائم بشروطها الخاصة أو لإجبار الصين على التفاوض بحسن نية على الأقل.
استناداً إلى البيانات الصينية المتواصلة والصارمة، فضلاً عن الافتتاحيات العدائية في الصحيفة الحكومية “غلوبال تايمز”، اتخذت الهند خطوات عسكرية أثارت استياء الصين في عطلة نهاية الأسبوع الماضي وبداية هذا الأسبوع، يبدو أن الهند نجحت في احتلال قمم على الضفة الجنوبية من بحيرة “بانجونج”.
ومن خلال الاستيلاء على المرتفعات الخاضعة لسيطرة الصين، يكتسب الجيش الهندي القدرة على مراقبة الأراضي التي يحتلها الصينيون في الجوار (إنه عامل مفيد إذا قررت الهند طرد جيش التحرير الشعبي بالقوة)، لكنه يحصل في الوقت نفسه على ورقة مساومة لإعادة ترسيخ وضع المراوحة السابق عبر تبادل الأراضي التي يسيطر عليها كل طرف بما يتجاوز المطالبات المألوفة.
وفي مطلق الأحوال، تشكّل التحركات الهندية في بداية هذا الأسبوع نقطة تحوّل بارزة في الأزمة المستمرة.يتمحور أهم حدث هذا الأسبوع حول تقارير إخبارية موثوق بها مفادها أن الهند استعملت “قوة الحدود الخاصة” التي تُعتبر شديدة السرية لاتخاذ التدابير الأخيرة، وترسل “قوة الحدود الخاصة” شبه العسكرية تقاريرها إلى رئيس “جناح البحث والتحليل” (جهاز تجسس خارجي في الهند) وينشط التبتيون العرقيون ضمن كتيبة واحدة على الأقل من “قوة الحدود الخاصة” في الهند، وتكون مهام هذه القوة مشابهة لعمليات “شعبة النشاطات الخاصة” في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وهي تشتق في الأصل من “الشعبة 22″، أي الوحدة القتالية التبتية التي خاضت تدريبات مشتركة مع وكالة الاستخبارات المركزية والهند بعد الحرب الهندية الصينية في عام 1962.
لقد أرادت الهند أن توجّه رسالة واضحة إلى الصين عبر استعمال التبتيين العرقيين في عملية عسكرية ضدها، لكن لم تتضح بعد ردة فعل بكين على هذا التحرك مستقبلاً، فهل ستقرر مثلاً أن تُجدد دعمها الكامل للمتمردين في شمال شرق الهند؟
لمعرفة المسار المرتقب للأزمة القائمة في لاداخ، تكلمت صحيفة “دبلومات” مع برافين سوامي، الصحافي الهندي المعروف بتغطيته للمسائل الدفاعية والاستخبارية الحساسة، وتعليقاً على التطورات الحاصلة في الفترة الأخيرة، توقع سوامي سيناريوهَين محتملَين: وفق السيناريو الإيجابي، قد تتخلى الهند عن المرتفعات المزعومة التي احتلتها في الضفة الجنوبية من بحيرة “بانجونج” مقابل أن تتنازل الصين عن مطالباتها بين الممرَين الرابع والثامن على الضفة الشمالية. أما السيناريو السيئ المحتمل، فيفترض برأيه أن يسارع الطرفان إلى احتلال التلال التي تشمل مئات المرتفعات، فهو يذكر أن هذا النمط من الاستيلاء على المرتفعات كان معياراً شائعاً على طول خط السيطرة الهندي الباكستاني خلال التسعينيات.
في بداية عام 1999، أطلقت باكستان عملية واسعة النطاق للاستيلاء على المرتفعات الهندية في قطاع “كارجيل-دراس” الذي أصبح اليوم جزءاً من لاداخ الغربية، غداة إعادة تنظيم كشمير الخاضعة للإدارة الهندية في شهر أغسطس من السنة الماضية، مما أدى إلى واحدة من حالتَين خاضت فيهما الهند وباكستان المسلّحتان نووياً الحرب.