الرئيسية / الرئيسية / لعنة النووي الإيراني

لعنة النووي الإيراني

بقلم: بهاء العوام

الشرق اليوم- المساعي الأميركية لإعادة فرض كل العقوبات الأممية على إيران تتحدث بلسان حال ملايين البشر في المنطقة. هؤلاء الذين تلاحقهم لعنة الاتفاق النووي لطهران مع دول العالم الكبرى. فهم بسبب هذا الاتفاق المشؤوم إما تشردوا من دولهم أو قتلوا أو عانوا الجوع والفقر والمرض.

من داخل إيران إلى دول جوارها العربي كسوريا والعراق واليمن ولبنان، يتوزع ضحايا الاتفاق النووي الذي أطلق يد الخمينيين في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، مقابل لاشيء. لم يقدم الولي الفقيه للدول الست الكبرى إلا تباطؤاً في إنتاج القنبلة النووية لنحو لا يزيد عن عشرين عاماً.

لم ينه نظام الخميني احتلاله لأربع دول عربية. لم يوقف برنامجه الصاروخي الذي يهدد به أمن المنطقة بأسرها. لم ينشر الديمقراطية والحرية داخل إيران. على عكس كل هذا، وبعد اتفاقه مع الغرب، أمعن في عدائه لشعوب المنطقة، وطور صواريخه، وتمادى في استبداده للإيرانيين.

لا تفهم تلك المعادلة التي تنازلت فيها القوى الكبرى عن كل شيء كي توقف البرنامج النووي الإيراني. لا تدرك ماهية الخوف الغربي الذي منح نظام الولي الفقيه أربع دول عربية شرط ألا يمتلك قنبلة نووية خلال العقدين المقبلين. أم تراه التقاء الخشية مع الانتهازية هو ما أفرز الاتفاق؟

لم تعد تهم الأسباب لأن الاتفاق بات من الماضي بمجرد قدوم رئيس مثل دونالد ترامب يتقن معادلات الربح والخسارة. شطب ترامب ما حدث في لوزان عام 2015 لأنه كان لصالح إيران مئة بالمئة، فسلفه باراك أوباما مع بقية قادة مجموعة (5+1) لم يأخذوا العواقب بالحسبان.

الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا وفرنسا، أبرمت الاتفاق مع إيران ثم حلت عليها لعنته. أنقذ الأميركيون أنفسهم بالانسحاب منه بسرعة وقلبوا اللعنة على طهران وأذرعها في الشرق الأوسط. أما بقية دول المجموعة فلا زالت حتى الآن تحصد ثمار ما صنعت وحمت.

الدول الثلاث الأوروبية في الاتفاق النووي تدرك اليوم أن الاتفاق لم يوقف التهديد الإيراني للأمن والسلم الدوليين. ودولتان من بين الثلاثة، هما بريطانيا وألمانيا، حظرتا حزب الله، أقوى أذرع طهران الخارجية، بعد أن اكتشفتا أنه جماعة إرهابية تمارس أنواع الجريمة المنظمة على أراضيهما.

تكابر فرنسا في عدم حظر حزب الله على غرار بريطانيا وألمانيا. ولكنها مسألة وقت لا أكثر. خاصة وأن باريس تتلمس اليوم بوضوح كيف يعيق الحزب أي حلول غربية لأزمة لبنان الذي تربطه علاقات تاريخية مع الفرنسيين. وما يفعله الحزب هو تنفيذ لتوجيهات نظام الولي الفقيه.

تعترف الدول الأوروبية بمنطقية المخاوف الأميركية إزاء التهديد الإيراني لأمن الشرق الأوسط. وهي بهذا تعترف أن الاتفاق النووي لم يكن جيدا بالقدر الكافي. ويحتاج إلى مراجعة شاملة ليتضمن برنامج طهران الصاروخي، وتدخلاتها العدائية في شؤون جوارها والدول العربية عموماً.

روسيا تعرف ذلك أيضاً والوجود الإيراني هو أكثر ما ينغص عليها في سوريا. كما أن الاتفاق النووي يمثل وصمة عجز في سياستها الخارجية. فموسكو غير قادرة على المضي بالاتفاق، وفي الوقت ذاته لا يمكنها حمايته أو التراجع عنه. كل ما يمكن فعله هو حث إيران على عدم التخلي عنه.

العجز الروسي في هذا يرثى له. وهو يشبه حال الصين والدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق أيضاً. الجميع طاله الشلل في تنفيذ التزاماته بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2018. فتعطلت الاستثمارات وتجمدت العلاقات مع طهران، وأصابهم نوع من الخصومة مع واشنطن بسبب الاتفاق.

الخصومة مع واشنطن مظهر من مظاهر لعنة النووي الإيراني أيضاً. فكل دولة لا تلتزم بالعقوبات الأميركية على طهران، أو تظهر تعاطفا معها تجد نفسها في مواجهة الولايات المتحدة. ومن يريد مثل هذه المواجهة في زمن يئن العالم فيه تحت وطأة أزمة اقتصادية كبرى بسبب الجائحة.

ورغم كل ما تدعيه من صمود أمام العقوبات الأميركية تبقى إيران هي المتضرر الأكبر من برنامجها النووي. فهي لم تواجه حصاراً اقتصادياً أو سياسياً أو عسكرياً مثل الذي تعيشه اليوم. وإن نجحت مساعي واشنطن في إعادة فرض العقوبات الأممية عليها فستعود إلى مربع الصفر قبل 2015.

ولاشيء أكثر من فوز ترامب بولاية رئاسية ثانية يقلق إيران في لعنة برنامجها النووي. فهذا الفوز يعني إما التفاوض مع أميركا، أو أربع سنوات أخرى من العزلة والمعاناة. أو أنها ستضطر إلى فتح أبوابها أمام استثمارات صينية وروسية تحصي على الخمينيين أنفاسهم. والنتيجة واحدة لا محالة.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …