الرئيسية / الرئيسية / شيزوبوليتك

شيزوبوليتك

بقلم: زيد نجم الدين

الشرق اليوم- انتقد عدد كبير من السادة أعضاء مجلس النواب السيد وزير الكهرباء السابق، علاء الخطيب، لتعيينهِ أعداد كبيرة مِنَ الأُجراء اليوميين والمتعاقدين، عادين ذلك تكريساً لمبدأ البطالة المقنعة التي اختنقت بها دوائر الدولة دون إنتاج يذكر بالمقابل، لا سيما إن الوزارة انفة الذكر عملت على تثبيت أكثر من 3000 أجير ومتعاقد على الملاك الدائم بين عامي 2018 و 2019، جاء ذلك بعد سنين طويلة قضاها أبناء هذه الشريحة بانتظار التثبيت على الملاك، وفي نفس السياق أصدر مجلس الوزراء سلسلة قرارات تقضي بإيقاف التعيين بصفة أجير يومي أو متعاقد وأقر مجلس الوزراء السابق آلية لتحويل جميع الاجراء اليوميين الى عقود وتكييف وضعهم قانونيا ومالياً لحين توفر الدرجات اللازمة لتثبيتهم على الملاك.

وإثر ذلك السيد وزير الكهرباء السابق، لؤي الخطيب، يواجه اليوم تهم فساد تتعلق بهدر المال العام إضافة الى ملف التعيينات آنف الذكر، وعلى هذا الأساس أصدرت هيئة النزاهة قراراً يقضي بمنع الخطيب من السفر لحينِ إكمال إجراءات التحقيق.

هذه القضايا التي يواجهها الخطيب اليوم كان قد أثارها مجموعة من النواب الذين توعدوا بملاحقتهِ قضائياً وتقديم ملفاتهم الى هيئة النزاهة والقضاء بغية التحقيق فيها وكشف الحقيقه، لكن الغريب في الأمر أن هؤلاء النواب الذين يسعون لمقاضاة الوزير السابق حول ملف التعيينات، يسعون بنفس الوقت لتثبيت الإجراء الجدد الذين وصفوهم سابقا “بالبطالة المقنعة غير المثمرة” وأكثر من ذلك، إذ أن نفس هؤلاء النواب يتسابقون في نشر أوامر صرف رواتب الاجراء الجدد و كل منهم ينسب فضل ذلك لنفسه و لجهوده الجبارة، والذي يثير الدهشة أن نفس هؤلاء النواب ما زالوا يخرجون على التلفاز ويصرحون بضرورة إيجاد بدائل أخرى للتعيين الحكومي من خلال تنشيط القطاع الخاص الذي يخفف العبئ عن كاهل الحكومة المتخمة بعدد الموظفين.

هذه الحالة الهجينة تبين لنا مستوى فهم و وعي طيف واسع من المسؤولين العراقيين الذين يتعاملون بانتهازية ، فهدفهم الأساسي الذي يضبط خطابهم وتوجهاتهم هو ما يضمن لهم البقاء في دائرة المنافسة وليس المصلحة العامة المبنية على قراءات استراتيجية واستشرافية تصب في بناء مستقبل الدولة العراقية ، هذا النمط من المسؤولين الانتهازيين يتعاملون بأكثر من وجه ولأكثر من غاية، فلهم الوجه ذو الخطاب الانتخابي والذي دائما ما يناغم حديث الشارع وأحلامه وتطلعاته ليس إيمانا بما يطرحه الشارع بل لكسب الود والتأييد في مواسم الانتخابات، ولهم وجه آخر وهو وجه السياسي الطائفي الذي يتحدث بلغة تمثيل المكون والمحافظة ليس لشيء سوى الحصول على مغانم ومكاسب تخصصية تعود عليه وحزبهِ بالنفع والمكاسب، ولهم وجه أكثر قبحاً وهو وجه الثائر العصامي الذي يطارد الفاسدين ويفتح ملف هنا ويكشف أخر هناك ليس ابتغاءا لمرضاة الله وبراً بالوطن والشعب، وإنما لغرض الابتزاز والاستعراض أمام شاشات التلفاز وخلق الحدث الساخن، كل هذه الوجوه نشاهدها ونقرأ لها بشكل دوري في وسائل الإعلام وفي كل مرة تظهر هذه الوجوه بقناع جديد تبعاً للموسم او المناسبة، لكن الذي يثير استغرابي هو قابلية هؤلاء على لعب هذه الأدوار المتناقضة في فترات زمنيه متقاربه، ما يجعلني اتساءل هل هؤلاء يعانون من شيزوفرينيا أم أنه التلون السياسي الذي يجعلهم يبدون بهذه الصوره؟ وربما تكون حالة متقدمة من تشوه الفكر السياسي و دعوني أطلق عليها تسمية “الشيزوبوليتك” التي هي نتيجة لتداخل بين الشيزوفرينيا والتلون السياسي، والله أعلم؟!.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …