بقلم: إياد الإمارة
الشرق اليوم- لا تُصلَح أحوال الناس بفسادٍ أبدا، كما لا يُصلحها فاسد أبدا، و لا يُصلح الأحوال إلا الصلاح، ولا يصلحها إلا مصلح حقيقي يخشى الله في الناس وفي حقوقهم ويتقيه..
شعارات وكلمات وخطب الإصلاح والمصلحين التي لا تستند إلى سلوك عملي لن تأًتي أُكلها وليس لها أي أثر على أرض الواقع وتبقى بالمدى المحصور بين الشفاه والمسامع ولا تتعداهما مطلقاً.
هذا من جانب ومن جانب آخر على كل المتصدين للخدمة الإجتماعية خصوصاً هؤلاء الذين يرون إن التصدي لخدمة الناس وقضاء حوائجهم وإدارة شؤونهم واجب شرعي “وهو من تكاليفهم” مرتبط بالله عز وجل لا غير، على هؤلاء أن يكونوا بمستوى أضعف الناس يعيشون حياتهم ويتحسسون معاناتهم ويحاولوا أن يرتفعوا بهم ومعهم إلى حياة أفضل، لا أن تحجبهم عن الناس الحجّاب والقصور والفوارق الطبقية الفاحشة، وإلا بخلاف ذلك عليهم أن لا يدعوا ارتباطهم بالتكليف الشرعي لا من قريب ولا من بعيد، وبذلك نطلق عليهم ألقاب أباطرة أو قياصرة وليسوا رجال خدمة عامة يعملون بالتكليف الشرعي.
الظاهرة في العراق الآن أن البعض يبالغ في مظاهر الترف والإسراف وهو يدعي ما يدعي حمله من أعباء مسؤولية الناس وإدارة شؤونهم!
فلي أن أذكر -هذا البعض- بآية من آيات الله تبارك وتعالى يقول فيها عز من قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
كما أذكر هذا البعض بموقف الثائر المصلح الكبير أبو ذر الغفاري “رضوان الله عليه” وهو يقف بوجه الطاغية المتجبر الذي استأثر بالفيء معاوية الأموي لعنه الله الذي رآه يجعل لنفسه -وهو متصد لإدارة شؤون الناس- ما لا يجعله لغيره من العامة، فيقول له: “إن كنتَ بنيتها من مالِ الله فهي الخيانة، وإن كنتَ بنيتها من مالك فإنما هو الإسراف”.
نحن في العراق وفي هذه المرحلة بالذات بحاجة إلى مَن يكون بسيرة هؤلاء الرجال ووعيهم وشجاعتهم وثباتهم على المبدأ، نحن بحاجة إلى خريجي مدرسة أمير المؤمنين علي عليه السلام من أمثال أبو ذر الغفاري رضوان الله عليه، هذا الرجل الذي أرتشف الإسلام من نبعه الصافي وعاش به ومعه وتحمل ما تحمل في سبيله حتى عرجت روحه إلى السماء وما أعده الله تبارك وتعالى له في الجنة مع النبيين والصديقين والأوصياء والاولياء، ولسنا بحاجة إلى مَن يستن بسنة الذين عصوا الله عز وجل وهم يتلون كتابه وحاربوا رسوله وقتلوا أبنائه وهم يدعون إتباعه..
وهم أشد الناس بعداً عنه..