بقلم: فاروق يوسف
الشرق اليوم- تكذب أوروبا على نفسها حين تحاول أن تخفف من الضغط الأميركي على إيران. فالخطر الإيراني هو أكثر وضوحا من أن يتم التستر عليه. ذلك لأن البرنامج النووي الإيراني لم يصمم إلا لأغراض عسكرية.
أي شيء غير ذلك فهو هراء وتمويه وكذب.
إيران تحلم بامتلاك السلاح الفتاك لكي تكون في منأى عن الرقابة العالمية. وهي حين وقّعت على الاتفاق النووي فإنها كانت تدرك ما الذي يجلبه ذلك الاتفاق عليها من منافع على المستوى المادي. وذلك ما حدث حين تدفقت عليها الأموال التي استعملتها في تطوير برنامجها النووي أولا وثانيا في تمويل ميليشياتها حول العالم العربي. كما أنها مدت نظرها إلى أفريقيا.
أما وقد انتبهت الولايات المتحدة بعد نهاية عصر أوباما إلى خطورة ما يحدث في إيران وانسحبت من الاتفاق النووي فإن ذلك أدى إلى إبطاء المسعى الإيراني وليس القضاء عليه. إيران لا تزال مصرة على امتلاك القنبلة النووية وهو ما تعرفه الدول التي لا تزال متمسكة بالاتفاق النووي.
من جانبها كشفت إسرائيل عن شعورها بالخطر. وهو ما دفعها إلى توجيه ضربات قوية إلى منشآت إيرانية يدخل عملها بشكل مباشر أو غير مباشر في الجهد النووي الإيراني.
وإذا ما كانت إيران لم تسم إسرائيل باعتبارها الجهة المسؤولة عن تلك الضربات فلأنها حاولت أن تخفي رغبتها في الرد لئلا يتحول سلوكها إلى سبب لعزوف الدول الأوروبية عن الاستمرار في الوقوف معها ضد العقوبات الأميركية التي يأمل أركان النظام الإيراني في التخلص منها إذا ما حدث تغير جذري في البيت الأبيض.
يعتقد الإيرانيون أن العقوبات مرتبطة بوجود دونالد ترامب في البيت الأبيض، فإذا تمت إزاحته وانتخاب رئيس ديمقراطي بديلا عنه فإن تلك العقوبات ستكون جزءا من الماضي.
ولأن الإيرانيين يثقون بدهائهم ومكرهم وقوة حيلتهم فإنهم يعتقدون أن كل ما جرى لهم لا علاقة له بما يشكله مشروعهم من تهديد للسلم والأمن العالميين، بل هو انعكاس لموقف شخصي اتخذه رئيس طائش سيحل محله رئيس راشد يعيدهم إلى عصر أوباما.
ذلك ما يكشف عن تدني فهمهم للسياسة وعدم نضوجهم في مواجهة بنية العمل المؤسساتي في الولايات المتحدة وسواها من الدول الديمقراطية.
لقد كانت لباراك أوباما توجهاته الشخصية. ذلك صحيح، غير أن الصحيح أيضا أنه كان محاطا بفريق عمل سعى كله إلى منح إيران قوة دفع في لحظة من الزمن لن تتكرر. فأي رئيس ديمقراطي لن يكون أوباما جديدا ولن يجرؤ ذلك الرئيس على تعطيل العمل بقرارات اتخذتها الولايات المتحدة بعد أن تأكدت أن إيران ماضية في طريق السلاح النووي.
اللافت في المسألة النووية الإيرانية أن النظام، ممثلا بوزير خارجيته محمد جواد ظريف الذي اشتهر بكذبه، لم ينف ولم يثبت أي شيء يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. كان يتحدث دائما عن ضرورة أن تمتلك بلاده السلاح الذي يساعدها على الدفاع عن نفسها.
الغريب أن أحدا من الأوروبيين لم يسأله عن نوع ذلك السلاح.
وإذا ما كانت أوروبا قد شعرت غير مرة بالإحباط لأن إيران خرجت عن الاتفاق النووي فإنها لم تتعامل بشكل جاد مع تلك الخروقات. ذلك ما شجع إيران على الانتظار، وهو انتظار قد يطول غير أنه لن يؤدي إلى إيقاف المسعى في اتجاه امتلاك قنبلة نووية.
لقد سيطرت تلك الفكرة على القيادة الإيرانية. وهو ما جعلها تنفق أموالا وتهدر وقتا وتستهين بمشاريع تنمية ممكنة. كل ذلك من أجل أن تبدو إيران قوية. فمن خلال وجهة نظر تلك القيادة فإن إيران لن تكون قوية إلا بالسلاح النووي.
تلك وجهة نظر خاطئة غير أنها تكشف عن أن خوف العالم في محله. إيران تشكل خطرا على السلام والأمن العالميين.