الرئيسية / الرئيسية / حين يدير حزب الله ظهره للبنانيين

حين يدير حزب الله ظهره للبنانيين

بقلم: فاروق يوسف

الشرق اليوم- سقطت حكومة حسان دياب وكانت حكومة أزمة من غير أن تتقدم خطوة واحدة في مسار الحل. كانت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي قد تعثرت بسبب عجز تلك الحكومة عن القيام بالإصلاحات التي اشترطتها المؤسسة الدولية.

لم يكن دياب لينسحب بحكومته لولا الكارثة التي حلت ببيروت.

لقد أكد الرجل بالرغم من أنه لم يكن حزبيا أن لديه قدرة عالية على الانتساب إلى الطبقة السياسية التقليدية التي تعيش انفصالا مطلقا عن الشعب الذي لم يشكل وجوده بالنسبة لتلك الطبقة إلا خلفية للمشهد السياسي.

منذ بدء الاحتجاجات في أكتوبر السابق، تبين أن كل ما يجري في الشارع لا يؤثر على مزاج الطبقة السياسية التي كانت تفكر بحلول لأزمتها في الحكم لا بحلول للأزمة التي يعيشها الشعب والتي دفعته إلى الخروج إلى الشارع محتجا. كان السياسيون يخططون لما بعد الأزمة انطلاقا من تسويات طائفية وحزبية صار الشارع ينظر إليها باستخفاف.

ليس من المستبعد أن يخفف حزب الله من ضغطه على خصومه غير أنه ليس من المتوقع أن يتخلى عن موقعه باعتباره ربان المركب الغارق

لقد مضى زمن كانت فيه الخلافات بين الزعماء السياسيين تقلق الناس العاديين وتجعلهم يضعون أيديهم على قلوبهم خشية وقوع حرب أهلية جديدة. ما كان يعيشه لبنان من انهيار على كافة الأصعدة هو أسوأ بكثير من الحرب الأهلية. ولقد تأكد ذلك الرأي من خلال انفجار مخازن الأمونيوم في الميناء والذي أدى في لحظات إلى تدمير نصف بيروت التاريخية مرورا بمئات من الأرواح البريئة التي زُهقت وآلاف من الجرحى.

لقد أدرك اللبنانيون قبل وقوع الانفجار العظيم أن حياتهم كلها قد وصلت إلى حافات الهاوية ولم يكن ذلك بسبب خلافات السياسيين، بل بسبب اتفاقهم الخفي على أن يستمر لبنان في ضياعه بين دروب متاهة أحكم الفساد السيطرة على أبوابها. وما كان للفساد بأنواعه المختلفة أن يتكاثر ويقوى لولا أن الفاسدين أنفسهم كانوا قد تمكنوا من برمجة نظام الحكم بطريقة تخدم المشاركين في عمليات تطويره وحمايته.

لم يكن حزب الله يزعم أنه يهيمن على الدولة اللبنانية غير أن تلك المعلومة كانت معروفة بالنسبة للجميع، بدليل أن بعض الأطراف الدولية كانت تتحاور مع إيران حين يتعلق الأمر بلبنان. غير أن المحتجين لم يرفعوا قبل الانفجار شعارات معادية لحزب الله. من غير تسميات كان شعارهم باللهجة اللبنانية “كلن يعني كلن” يشمل حزب الله.

غير أن المفاجئ أنه حين سقطت حكومة حسان دياب واقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن تُقام حكومة وحدة وطنية فهم الجميع أن تلك الحكومة لا بد أن تكون ممثلة لكل الطوائف. حكومة طائفية يشرف عليها الطرف المتهم من قبل المحكمة الدولية بقتل الحريري ويترأسها ابن القتيل من أجل استرضائه وهو المرضي عنه فرنسيا.

لم يكن ما صرح به ماكرون ملزما لأحد.

منذ بدء الاحتجاجات في أكتوبر السابق، تبين أن كل ما يجري في الشارع لا يؤثر على مزاج الطبقة السياسية التي كانت تفكر بحلول لأزمتها في الحكم لا بحلول للأزمة التي يعيشها الشعب

حتى الشعب اللبناني الغاضب لن يتعامل مع ذلك التصريح بطريقة جادة. فالرجل اجتمع مع الفاسدين. صحيح أنه أسمعهم ما لا يحبون سماعه غير أن الاجتماع بهم كان اعترافا بشرعية وجودهم وضمانة لمستقبلهم. ليس هناك ما يهدد ذلك المستقبل على المستوى الدولي.

لذلك فإن ما يحدث اليوم من مشاورات سياسية لتشكيل حكومة جديدة لا يخرج عن نطاق الوصفة التقليدية. ضاق لبنان بشعبه غير أنه لم يضق بسياسييه. ما هذه القسمة الغريبة؟

ليس من المستبعد أن يخفف حزب الله من ضغطه على خصومه غير أنه ليس من المتوقع أن يتخلى عن موقعه باعتباره ربان المركب الغارق. فالدولة الفاشلة التي هي من صنعه لن تتخطى حدود ما هو مسموح لها إيرانيا.

لن تكون حكومة حزب الله المتوقعة سوى نسخة من حكومته السابقة.

ولكن مَن قال إن لبنان قد يبقى من غير حكومة؟ ربما سيدير حزب الله ظهره للشعب اللبناني نكاية به.

شاهد أيضاً

قادة مجموعة العشرين يدرسون ضريبة عالمية على المليارديرات

الشرق اليوم– حث قادة مجموعة العشرين على فرض ضريبة عالمية على المليارديرات لتمويل مشاريع حيوية …