الشرق اليوم- أكد ناشطون عراقيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، أن قرارات رئس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الأخيرة بإقالة مسؤولين أمنيين في البصرة يعتبر بمثابة “طوق نجاة” للمتهمين بقتل المحتجين، حيث يأتي ذلك في وقت تعيش فيه البصرة حالة توتر شديد على خلفية اغتيال الناشط تحسين الشحماني، ومحاولات اغتيال ناشطين آخرين في المحافظة.
ذكر تقرير لصحيفة بريطانية، أمس الثلاثاء، أن رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، قام بإعفاء قائد شرطة البصرة رشيد فليح، ورئيس جهاز الأمن الوطني في المحافظة من مهامهما، بعد احتجاجات واسعة شهدتها المحافظة على خلفية اغتيال الشحماني، حيث وجه ناشطون أصابع الاتهام إلى فليح وجهات أمنية أخرى مدعومة من المحافظ أسعد العيداني، بالوقوف خلف تلك العمليات.
وأضاف ان ” مسلسل الاغتيالات في البصرة حتى وصل إلى الشحماني، وفي كل تلك المراحل استمرت مطالبات الناشطين للعيداني بالكشف عن القتلة والجماعات المسلحة التي تستهدف الناشطين المناهضين للنفوذ الإيراني، إلا أن المطالبات توقفت بعد فترة، واتخذت منحى آخر بتوجيه الناشطين اتهامات مباشرة للعيداني والأجهزة الأمنية في المحافظة بالتستر على القتلة”.
وأوضح التقرير ان ” قائد شرطة البصرة رشيد فليح، يعد أحد أقرب القيادات الأمنية من العيداني، وخلال سنوات وجود الأخير على رأس الإدارة المحلية للمحافظة، استمر بحمايته وتحدي المحتجين والحكومة المركزية في عدم مساءلته أو إقالته”.
ويرى مراقبون أنه “بالرغم من احتمالية اعتراض العيداني على إقالة فليح، إلا أن قائمة طويلة من الانتهاكات بحق المحتجين في انتفاضة (تشرين الأول) 2019 وما قبلها ستجبر العيداني على الرضوخ”.
وأشار التقرير إلى انه “بالرغم من أن الضربة التي تعرضت لها السلطات المحلية في محافظة البصرة بإقالة رشيد فليح ليست سهلة، إذ قاوم كل محاولات الإقالة السابقة في ظل حجم المطالبات الشعبية الكبير، إلا أن هذا القرار لم يكن مقنعا لكثير من الناشطين الذين اعتبروا قرارات الإقالة بمثابة طوق نجاة للمتهمين بقتل المحتجين، كما أن آخرين طالبوا بشمول العيداني بهذه القرارات كونه رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة، والمسؤول عن كل الخروقات والانتهاكات التي حصلت وتحصل”.
وأفاد أحد الناشطين بان “عمليات الإقالة تمثل طوق نجاة من الملاحقات القانونية في ما يتعلق بقمع المحتجين”، مبينا أن “تعيين نائبه عباس ناجي بدلا منه لا يمثل حلا، لأنه جزء من قيادة الشرطة المتهمة بالقمع، ونحن نطالب بإقالته”.
وتابع بالقول “لدينا أمل في تعيين شخصية بديلة من الضباط الذين لم يتورطوا بمواجهة المحتجين، لأن الحكومة أشارت إلى أن البديل موقت”، مبينا ان “الإشكال يتعلق بالمنظومة الحاكمة، وتسلّط قوى أعلى من الدولة”.
كما أكد ناشط آخر أن “مطالبات المحتجين لا تقتصر على إقالة القادة الأمنيين، بل محاسبة كل من تسبب بحوادث قتل، وتلك المطالبات تتعدى حدود القادة الأمنيين بالوصول إلى تغيير المحافظين الذين من بينهم العيداني، وتعيين بدلاء بعيدين عن نفوذ وتدخلات الأحزاب الفاسدة”.
وأضاف أن “استمرار الاغتيالات يمثل نقطة شروع بالفوضى، وخروج الوضع عن السيطرة”، لافتا إلى أن “مآلات ما يجري ستكون خطرة على الوضع العام للبلاد، وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها وحماية الناشطين وردع الفصائل والعصابات الحزبية”.
وعن اتهامات الناشطين للعيداني، قال أحد الناشطين إن “المحافظ هو المسؤول الأول عن الانتهاكات بحق المحتجين، وبتنا نشاهد صولة العيداني وقوات الصدمة المشكلة بعد تظاهرات عام 2018 أكثر من صولة الفصائل المسلحة، بل نكاد لا نميز بينهم، إما لتوحيد الجبهة بينهم، أو لبسط قوة العيداني عليهم”.
وتابع ان “مقتل الناشط تحسين أسامة نوع من الانتقام، مضافا إلى كونه رسالة تحذير، لأن هذا الناشط كان قريبا من كاظم السهلاني مستشار رئيس الوزراء، وهو العدو اللدود لأسعد العيداني”.
وختم بالقول إن “تحسين الشحماني ورفاقه اختاروا المواجهة المباشرة والصريحة مع العيداني وبلطجيته بقيادة رشيد فليح، وطالبوا برحيلهم ومحاسبتهم، وتنشيط الرأي العام ضدهم، والتذكير المستمر بجرائمهم”، مردفا “كانت حصة الشحماني من رد الفعل أنه تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة قبل مدة، وقبل أن تنجح المحاولة الثانية بعثت إليه رسالة تهديد”.
وكان عشرات المحتجين قد تجمعوا في وقت سابق، أمام منزل المحافظ أسعد العيداني، ورشقوا المبنى بالحجارة تعبيرا عن سخطهم من عدم كشف الجناة، كما طالبوا بإقالة المسؤولين الأمنيين، في المقابل، نشرت بعض مواقع التواصل الاجتماعي شريطا مصورا يظهر العيداني وهو يجتمع بعشيرته لمناقشة احتشاد المحتجين أمام منزله، الأمر الذي يراه مراقبون محاولة إظهار القوة، إلا أن المحتجين أبدوا إصرارا على استمرار حراكهم إلى حين كشف القتلة.
وبحسب رئيس المجموعة المستقلة للأبحاث منقذ داغر، فأن “إثارة المشكلات والتوترات في الوقت الحالي مرتبط بمساعي إفشال حكومة الكاظمي، خصوصا أن العيداني أحد الرؤوس المنفذة للسياسات الولائية في البصرة”، مبينا أن “توقيت التوتر يرتبط أيضا بزيارة الكاظمي لواشنطن”.
وبين أن “تحالفات العيداني والفصائل المسلحة ترتكز على إبعاد الحكومة المركزية عن التأثير بالمحافظة في الفترة الحالية، لأن الكاظمي خارج دائرة حلفاء إيران”.
ووفقا لمراقبين فأن “العيداني قد يلجأ إلى تصعيد النزعات المناطقية المرتبطة بما يطلق عليه مشروع إقليم البصرة، في محاولة اعتماد إثارة نعرات مناطقية لتشتيت المحتجين، إذ ينشط في مجموعات عبر تطبيق واتساب تتعلق بالدعوة لتفعيل ملف إقليم البصرة”.
فيما لا يستبعد الباحث منقذ داغر، أن “يتم الحديث عن ملف إقليم البصرة في الفترة الحالية، في محاولة للهروب وصرف الاهتمام عن عمليات النهب الممنهجة التي جرت في البصرة، فضلا عن كونها محاولة لإلقاء مسؤولية تدهور الأوضاع في المحافظة على الحكومة المركزية”.
جدير بالذكر ان محافظة البصرة نالت نصيبا كبيرا من عمليات اغتيال وخطف الناشطين دون توصل لجان التحقيق إلى نتائج تذكر عن المتورطين في تلك العمليات، في حين يتهم ناشطون جماعات مسلحة مقربة من إيران بالقيام بتلك العمليات بمساعدة مسؤولين حكوميين وأحزاب بارزة.
وتتصاعد مطالبات المحتجين بمحاسبة المتورطين بقتل المحتجين في المحافظات التي شهدت احتجاجات، ما سيتسبب في موجة احتجاجية جديدة في حال لم تحسم الحكومة الاتحادية هذا الملف.