الشرق اليوم- قال الخبير في الأمن القومي، جيمس كارافانو، نائب رئيس قسم السياسة الخارجية والدفاع في مؤسسة التراث الأمريكية: إن وزارة الدفاع الأمريكية تعكف حاليا على تطوير تصور جديد للحرب، وهو جهد يمكن النظر إليه كتمرين أكاديمي عديم الدلالة أو كإعلان لحرب عالمية ثالثة، على حد تعبيره.
وأشار المقال إلى أن الولايات المتحدة قد يتعين عليها في الصراعات المستقبلية الكفاح من أجل إحراز التفوق في مجالات عديدة والوصول إلى مصالح معينة، وأن خسارتها في بعض المجالات قد تعني خسارتها في البقية.
ورأى الكاتب أنه على الرغم من أن التنظير للحرب لن يمكّن أبدا من توقع كل التعقيدات التي قد تظهر خلال خوض حرب حقيقية أو منعها والحيلولة دون نشوبها فإن استخدام القوة العسكرية دون تفكير رشيد يعد ضربا من التخبط.
كما أشار إلى أن طريقة تفكير الجيوش يمكن أن تحدث فرقا كبيرا في نتائج الصراعات، وأن التحدي الأكبر يكمن في ألا تجانب توقعاتها بشأن المستقبل الصواب كثيرا، وهو ما يمكن التوصل إليه من خلال تقديم وجهة نظر نقدية واقعية عند استشراف المستقبل.
وقدم المقال 7 نقاط قد يسترشد بها البنتاغون في مهمة تطوير تصور جديد لحروبه المستقبلية، وذلك على النحو التالي:
1. التصور هو قوة الردع التقليدية
يرى الكاتب أن أهمية وضع تصور لحروب المستقبل لا تقتصر فقط على خوض الحروب، وإنما تكمن أيضا في الإيحاء للخصوم بأن الإحجام عن خوض معركة مع الولايات المتحدة قد يكون الخيار الأصوب لأنهم قد يخسرون تلك الحرب، وعليه فإن وضع تصور دفاعي فعال يساهم في الحد من احتمال الدخول في صراعات بالمستقبل.
وأشار إلى أن الردع التقليدي الناجع يكتسي أهمية خاصة في عصر يطبعه التنافس بين القوى العظمى، إذ تقوم إستراتيجيات دول كروسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية في الوقت الراهن على فكرة “تحقيق النصر دون قتال” من خلال تحقيق أهدافها دون الدخول في اشتباك عسكري مباشر مع الولايات المتحدة.
وقال: إن مهمة البنتاغون الأولى ستكون الحفاظ على الوضع القائم، ووضع تصور لا يسمح لأي من الدول المذكورة آنفا بالاعتقاد أن بإمكانها مواجهة الولايات المتحدة في ساحة المعركة.
2. العالمية
وقال الكاتب: إن الولايات المتحدة قوة عالمية لها مصالح ومسؤوليات دولية، وبالتالي فإنه سيتعين على جيشها الحفاظ على التفكير والتصرف انطلاقا من منظور عالمي.
وأضاف: أنه بغض النظر عن المسرح الذي تعمل فيه القوات الأمريكية فإنه سيتعين عليها على الأرجح أن تجوب بحار العالم ومجاله الجوي وفضاءه الإلكتروني لتسيير السفن والطائرات وإيصال الأشخاص والإمدادات والدعم إلى مختلف أنحاء العالم، وهو ما يعني أن على الولايات المتحدة الاستعانة بحلفائها في المناطق التي تحتضن عملياتها وعلى صعيد العالم كذلك.
3. تفكير إقليمي
وأشار المقال إلى أن إحدى المشاكل المرتبطة بكون الولايات المتحدة قوة عالمية هي صعوبة التنبؤ بالمكان الذي قد تضطر إلى خوض مواجهة فيه لحماية مصالحها، وأن العديد من أعداء أميركا الذين يرغبون في تحقيق انتصار دون مواجهة مسلحة ينفقون الكثير من الوقت في البحث عن سبل لفتح جبهات على الولايات المتحدة لكي تجد نفسها مضطرة للدخول في معارك مع أطراف أخرى، مما يتسبب في إلهائها واستنزاف قوتها.
وعلى الرغم من أن على الولايات المتحدة تجنب الدخول في نزاعات غير ضرورية فإنها لا يمكن أن تتجنب كل النزاعات دون تعريض أمنها لخطر أكبر.
4. الجاهزية للقتال على شتى الأصعدة
ورأى الكاتب أن أي صراع حديث -كمواجهة مسلحة مع متمردين في الجبال الوعرة أو مطاردة غواصات في أعماق البحار- يتطلب قوات مسلحة تملك القدرة على الدمج بين مختلف العمليات القتالية جوا كانت أم بحرا أم فضاء.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد تضطر في صراعات المستقبل إلى الكفاح من أجل الحصول على منفذ ما، ناهيك عن القتال من أجل تحقيق التفوق في أي مجال حيوي، وإذا خسرت في تلك المعارك فقد تخسر في جميع المجالات.
وباختصار، فإن أي تصور لحروب أميركا المستقبلية لا يوصل إلى إنشاء قوات مدربة وجاهزة للعمل على كل الأصعدة لن يحقق للولايات المتحدة ما تصبو إليه وفقا للمقال.
5. التفكير في ما هو أبعد من الحرب
وقال الكاتب: إن حاجة الولايات المتحدة إلى أن يضطلع جيشها بدوره بجد في الحروب الكبيرة لا يعني تجاهل دوره في المهام العسكرية الأخرى كالدفاع عن الوطن والمهام العسكرية المكلف بها في الداخل والخارج ضمن أمور أخرى.
6. الحرب نشاط جماعي
يشير الكاتب إلى أن التصور الذي هو قيد الصياغة من قبل البنتاغون لا يتعلق بالولايات المتحدة فيط فقط، وإنما بحلفائها وشركائها الإستراتيجيين الذين سيعملون على تكييف تدريباتهم وهيكلة قواتهم لتعزيز شراكتهم مع الولايات المتحدة، وأن التعاون العسكري والعمليات المشتركة سيكونان سمة مركزية في ذلك الوقت.
7. ميزانية الدفاع
أما النقطة السابعة والأخيرة التي تناولها الكاتب بشأن تصور حروب أمريكا المستقبلية -الذي يعكف البنتاغون على تطويره- فكانت عن استخدام تلك المفاهيم حجة من قبل البنتاغون لتبرير المبالغ التي تصرف على ميزانية الدفاع.
وخلص الكاتب إلى أن على أي جيش حتى يكون فعالا القيام بـ3 أمور هي بناء قوات مدربة وجاهزة للقتال، ومواصلة تنفيذ عملياته، وتحديث أساليب عمله المستقبلي، مؤكدا أن أي قوة عسكرية لا تستطيع القيام بذلك تصبح قوة جوفاء أو رصاصة فارغة سيكون محكوما عليها بالفشل.
المصدر: The National Interest