An Iraqi protester flashes the victory sign as he takes part in ongoing anti-government demonstrations on al-Ahrar bridge in Baghdad on November 19, 2019. - Iraqi protesters brushed off new government promises of reform, sceptical that political leaders, and a parliament session later in the day, would deliver the sweeping change they demand. (Photo by AHMAD AL-RUBAYE / AFP) (Photo by AHMAD AL-RUBAYE/AFP via Getty Images)
الرئيسية / الرئيسية / الانتخابات المبكرة.. هل تملك الحل للمأزق العراقي؟

الانتخابات المبكرة.. هل تملك الحل للمأزق العراقي؟

بقلم: اياد العنبر

الشرق اليوم- بعد سبات بشأن تحديد موعد للانتخابات المبكرة في العراق، طرحت ثلاثة مواعيد لإجرائها في 2021. الموعد الأول اقترحته بعض القوى السياسية يكون في أبريل، والثاني في يونيو تم اقتراحه من قبل بعثة يونامي في العراق، والثالث مقترح من قبل الحكومة بأن يكون موعدها في أكتوبر.


مبدئيا، اتفقت مطالب المتظاهرين وبعض القوى السياسية على أن تكون قضية التهيئة للانتخابات المبكرة من مهام الحكومة الحالية. بيد أن هذا الاتفاق الظاهري لا يمتد إلى الأهداف والغايات التي تقف خلف الدعوة للانتخابات من كلا الطرفين، فالمتظاهرون يعتبرونها فرصة لتصحيح المدخلات التي تمنح الشرعية للعملية السياسية ويتم ذلك من خلال قانون انتخابات جديد يضمن العدالة بالتنافس وتكون إدارة الانتخابات بعيدة عن هيمنة أحزاب السلطة وتحت إشراف أممي. 


أما القوى السياسية فتعد الانتخابات المبكرة فرصة لتجديد بقائها بالسلطة والنفوذ، لأنها تعتقد أن جمهورها الانتخابي جاهز ومنظم بطريقة تؤمن ديمومة بقاء مقاعدها في السلطتين التنفيذية والتشريعية، والتنافس يكون بين القوى السياسية نفسها التي تفرض قواعدها على منظومة العمل السياسي.


والقاعدة العامة التي تحكم تفكير الطبقة السياسية في العراق منذ 2003 إلى يومنا هذا أن السلطة تلد السلطة، والبقاء فيها يعني الحفاظ على النفوذ والثروة. ومن ثم ينحصر فهم الكثير من السياسيين إلى الانتخابات باعتبارها طريقة الوصول إلى السلطة، وليس مدخلا لشرعية بناء نظام ديمقراطي. 


في حين يرى المتظاهرون والنخب بأن المنجز الوحيد الذي تحقق بعد إسقاط النظام الدكتاتوري هو الانتخابات، وهي الوسيلة الوحيدة التي في حال التقادم بممارستها قد يكون هو السبيل الوحيد نحو إنضاج تجربة التحول الديمقراطي بالعراق.


وتتصارع على الانتخابات المبكرة ثلاث إرادات سياسية؛ الأولى ترفضها لكنها لا تعلن عن ذلك، ولعل هذا الموقف الرافض يجمع الكثير من القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية التي تدعم وتشارك بقوة في حكومة الكاظمي. والثانية تعتبرها فرصة لتأكيد قدرتها على تحشيد جمهورها الانتخابي وقد تكون فرصة لزيادة مقاعدها النيابية، وهذا الموقف يجمع التيار الصدري وبعض السياسيين الذين كان لهم حضور قوي وفاعل في أيام التظاهرات. 


أما الإرادة السياسية الثالثة فتعتقد أن الانتخابات المبكرة لن تغير في واقع الأوزان السياسية شيء، وعلى العكس تماما الانتظار حتى نهاية الدورة الانتخابية بعد سنتين سيضعف من رصيدها السياسي والجماهيري الذي يعتمد على قوة تأثير بالقرار السياسي، والذي بات ضعيفا جدا في حكومة الكاظمي التي تعمل على معارضتها بطرق إعلامية وليست رسمية داخل قبة البرلمان، ويعبر عن هذا الموقف كتلتي الفتح ودولة القانون.


وانعكاسا لصراع الإرادات السياسية، لا يزال قانون الانتخابات حبيسا داخل أروقة مجلس النواب، ولم يتم إرساله لرئاسة الجمهورية للمصادقة ومن ثم النشر، رغم التصويت عليه من قبل البرلمان في نهاية 2019! 


وفي بلد مثل العراق، محكوم من قبل التوافقات والصفقات بين الزعامات وليس المؤسسات السياسية، لا يعد هذا التأخير مثيرا للاستغراب؛ لأن القانون على الرغم من عدم وضح ملامحه النهائية، إلا أنه جاء تحت ضغط تظاهرات أكتوبر. وعلى هذا الأساس كان التصويت عليه على خلاف رغبات أحزاب السلطة التي تريد قانونا للانتخابات يراعي أولا وأخيرا الحفاظ على أوزانهم الانتخابية، وليس تعبيرا عن عدالة التنافس الانتخابي. وتلك تحديدا كانت الدافع الرئيس لساحات التظاهرات التي كانت تدرك بأن أي انتخابات لا يمكن لها أن تحدث إصلاحا في النظام السياسي، من دون تعديل قانون الانتخابات الذي يفترض أن يكون بعيدا عن الصفقات التي تعقدها الطبقة السياسية. وبالنهاية لا يمكن أن نتوقع قانون انتخابات يأتي على خلاف إرادات الماسكين بالسلطة والنفوذ.


رغم ذلك، هناك متغيران رئيسيان قد يكون لهما التأثير الأكبر على الدعوة للانتخابات المبكرة، المتغير الأول هو تظاهرات أكتوبر التي يمكن أن يكون لها تأثير في المشهد السياسي في حال تنظيم ساحات التظاهرات في كيانات وقوائم انتخابية تتنافس مع القوى السياسية التقليدية. وإذا افترضنا وجود القدرة على التحشيد للمشاركة السياسية من قبل المتظاهرين للحصول على مقعدين في المحافظات الوسطى والجنوبية، فسيكون ذلك بمثابة انقلاب سياسي ناعم.


أما المتغير الثاني، فهو الكاظمي وحكومته. فهذه الحكومة رغم التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجهها، إلا أنها تملك فرصة حقيقية لتحقيق منجز وحيد قد يكون تاريخيا، وهو التهيئة للانتخابات المبكرة بإشراف أممي. وتكون قد نفذت ما تعهدت به في البرامج الوزاري، والذي أكده الكاظمي في زيارته الأخيرة إلى محافظة البصرة. 
وقد تكون حكومة الكاظمي فرصة أيضا لتقويض نفوذ الأحزاب والقوى السياسية التي توظف المال والسلاح في الانتخابات، لكن هذا الموضوع يحتاج إلى شجاعة في الموقف والقرار، والتعامل مع الأحداث والتطورات السياسية بمواقف رجل الدولة وليس السياسي الذي تسكنه رغبة البقاء في السلطة.


الانتخابات القادمة، سواء أكانت مبكرة أو في موعدها المقرر في 2022، ستكون نقطة فاصلة في تطور الحياة السياسية في العراق بعد سبعة عشر عاما من التغيير. لكن لو تم إجرائها قبل موعدها المقرر سيكون تأثيرها الأقوى ليس في ما تفرزه من نتائج وإنما في رمزيتها التي يمكن أن نعتبرها الهدف الثالث الذي سجلته حركة الاحتجاجات في مرمى الطبقة السياسية، بعد تسجيل الهدف الأول باستقالة حكومة عبد المهدي، والهدف الثاني بمنح الثقة لحكومة الكاظمي التي كسرت الاحتكار السياسي للعناوين السياسية التقليدية.


وستكون الانتخابات القادمة محطة اختبار حقيقي، ولكن هذه المرة ليست للطبقة السياسية، وإنما لقدرة الشخصيات والنخب الفاعلة في التظاهرات في تنظيم صفوفها للانتقال من ساحات الاحتجاجات إلى المشاركة في النظام السياسي من خلال العمل في البرلمان حتى وإن كان بعنوان المعارضة السياسية. فالأهم هو تصحيح مسار النظام السياسي عن طريق المشاركة الفاعلة والمؤثرة في صنع السياسات العامة.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …