الشرق اليوم- بدت رسائل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الموجهة إلى النظام الإيراني خلال زيارته الأخيرة، أكثر وضوحا مع تأكيده على أنه يجب احترام قضايا كل بلد وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، في إشارة إلى يد طهران الممدودة في الساحة العراقية وهو الملف الذي توقع المراقبون أن يكون على رأس أجندة لقاءات الكاظمي مع الزعماء الإيرانيين.
وقال الكاظمي، خلال لقائه برئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف الأربعاء في طهران، إن العلاقات بين العراق وإيران “يجب أن تكون على أساس المشتركات بينهما” مؤكدا على أنه “يجب احترام القضايا الخاصة وعدم التدخل بالشؤون الداخلية”.
وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، إن اللقاء بين الكاظمي وقاليباف الأربعاء تناول “بحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وتناول مُجمل الأوضاع الثنائية والإقليمية وتأثيراتها على العراق وإيران”.
كما بحث الجانبان، بحسب نفس البيان، “الجهود الثنائية في تجاوز الآثار الصحية والاقتصادية لجائحة كورونا، والتحديات التي شكلتها الأزمة الاقتصادية الراهنة، والجهود الثنائية لتجاوزها بما يخدم مصلحة الشعبين”.
وشدد قاليباف، خلال استقباله للكاظمي، على ضرورة “متابعة ملف مقتل (الجنرال الإيراني البارز) قاسم سليماني بكل قوة وحزم”، في مواصلة لمحاولات المسؤولين الإيرانيين استمالة رئيس الوزراء العراقي إلى جانبهم وضمان عدم حياده في هذا الملف.
وتحدث عن أهمية العلاقات الثنائية بين إيران والعراق. وقال إن “الشعبين دخلا مرحلة مهمة من العلاقات التاريخية وازدادت الأواصر خلال السنوات الأخيرة”، في إشارة إلى استفادة طهران من سنوات ضعف الدولة العراقية لترسيخ موطئ قدم لها وتحكمها في قرارات العراق عبر أذرعها السياسية والميليشياوية هناك.
وكان الكاظمي قد التقى الثلاثاء المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني.
وفيما بدا كلا البلدين يسعيان إلى تخفيف حدة التوتر السياسي بينهما من خلال التأكيد على علاقاتهما التاريخية وإعلان الكاظمي بأن العراق لن يسمح بأي تهديد لإيران انطلاقا من أراضيه ولا أن يكون في الوقت ذاته ساحة معركة بين واشنطن وطهران.
كما قال الكاظمي في مؤتمر صحافي مع الرئيس روحاني بثه التلفزيون الرسمي الإيراني على الهواء مباشرة، إن شعب العراق يريد علاقات طيبة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية مبنية على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلا البلدين.
وأكد الكاظمي خلال لقاءاته الثلاثاء على أن “الشعب العراقي محب وتواق للتعاون الثنائي والمتميز، وفق الخصوصية التي يمتاز بها كل بلد، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية”.
وأوضح “سياستنا مبنية على حسن النية في التعامل مع الجيران، والتفاهم لإخراج المنطقة من أزمة التوترات، والعمل الشامل للوصول إلى حل شامل لكل التحديات”.
وأفاد بأن “علاقتنا الخارجية تعتمد على مبدأ التوازن والابتعاد عن أي محاور”.
ويواجه رئيس الوزراء العراقي مهمة صعبة للموازنة بين إيران والولايات المتحدة اللتين اقتربتا من الدخول في صراع مفتوح في المنطقة خلال العام الماضي خاصة على الأراضي العراقية.
وفي الداخل، يواجه الكاظمي ضغوطا متزايدة من أحزاب وفصائل مسلحة متحالفة مع إيران تعتقد أنه ينحاز للولايات المتحدة بسبب إشارته إلى رغبته في كبح نفوذ الأحزاب السياسية والميليشيات المدعومة من طهران.
وأشاد خامنئي، خلال اجتماعه بالكاظمي الثلاثاء، بالحشد الشعبي القوات العراقية التابعة لسيطرة الدولة والتي تضم عدة فصائل مسلحة تدعم إيران الكثير منها.
وأضاف خامنئي أن إيران لن تتدخل في العلاقات بين العراق والولايات المتحدة وذلك، وفقا لما نُشر على موقعه الإلكتروني الرسمي.
وقال خامئني إنّ “إيران لن تتدخل في علاقات العراق مع أميركا لكن تتوقع من الأصدقاء العراقيين أن يعرفوا أميركا ويدركوا أن تواجدها في أي بلد يسبب الفساد والدمار والتدمير”.
وتابع أنّ “الجمهورية الإسلامية تتوقع… الالتزام بقرار البرلمان (العراقي) طرد القوات الأميركية حيث أن تواجدها سبب لانفلات الأمن”.
وخلال أول شهرين للكاظمي في منصبه، نفذت قوات الأمن مداهمتين لاعتقال عناصر ميليشيات مدعومة من إيران، لكن سرعان ما أفرج عن معظمهم وهو ما اعتبره محللون دليلا قويا على مدى سطوة الفصائل المسلحة وتغلغل نفوذها في مفاصل الدولة.
وأشادت الولايات المتحدة بمساعي الحكومة العراقية لاستعادة سيطرة الدولة على الوضع الأمني في البلاد. ورحب أنصار الكاظمي بعدة تعيينات بين صفوف قوات الأمن منها إعادة عبدالوهاب الساعدي رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الذي أجج عزله في عهد الحكومة السابقة احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة العام الماضي.
المصدر: العرب اللندنية