بقلم: مازن صاحب
الشرق اليوم- أتعجب من تلك القدرة على استحضار آثام الاختلاف منذ سقيفة بني ساعدة في الخطاب السياسي للأحزاب الإسلامية عموما وفي المنطقة العربية خصوصا وعلى الأخص في عراق اليوم !!
مصدر هذا التعجب أن تسويق هذا الخطاب التضللي للرأي العام الجمعي وجعله مصدرا للإلهاء العاطفي والتلاعب بميول الجمهور الانتخابي وبين تلك الصفقات التي تعقد في مفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والأجندات الإقليمية والدولية للأحزاب المهيمنة على السلطة .فشتان بين منطق القول وحقيقة الافعال !!
نعم حدثت الخلافات في وقائع تاريخية متعددة وهناك معلومات شتى عنها تفسر كما يفسر البعض الآيات القرانية الكريمة فتحول دين الإسلام إلى مذاهب تفسيرية جعلت من الخوارج أول فئة تقاتل ولا تتحاور وهكذا توالت الأمور بظهور جماعة الحشاشين الذين يقتلون أنفسهم طاعة لاميرهم. وصولا إلى نموذج متجدد من التكفير وردود الافعال السلبية .. كلها تستحضر مفردات لعنة ذلك الميراث الذي حين تتوحد المصالح بين الفعاليات المجتمعية والدينية والاقتصادية تمضي الغمامة إيان شاءت فخراجها عائد لخليفة المسلمين وصولا إلى نموذج توظيف انتظار الإمام الغائب في النموذج السياسي الإيراني ليكون فقيه الدين جامع الشرائط وكيلا عنه واحب الطاعة باعتباره أمام العصر في زمن الغيبة .. مقابل نموذج الوهابية والسلفية والأخوان المسلمين …كل منهم لديه تفسيراته التي تترجم الكتب القديمة في الخلافة الأموية والعباسية بكلمات عصرية عن مبدأ الطاعة لأمير الجماعة !!!
السؤال: كل هذا التصارغ والتفرقة بعناوين طائفية مقيتة من الرابح ؟؟ هل ربح العراقيون والعرب والمسلمون تنمية مستدامة ؟ أم أنهم ما زالوا يستخدمون كما أفعل الآن حاسوب صنع في بلاد المقر ونظام اتصالات ادفع ثمنه للكفار ومعرفة اطلبها منهم فضلا عن سيارة صنعت في بلاد الكفر يركبها أمير الجماعة أو ذلك الخطيب الذي يحرض الناس على الجهاد في خطب الجمعة ؟؟
نعم هم يربحون ونحن نخسر قرون مضت وأخرى مقبلة مرة بعناوين براقة عن ذلك الأنتظار فيما قيادات الأحزاب المتصدية للسلطة تغنم من مفاسد المحاصصة .. أو أمير الجماعة ذاك الذي يتعالج في بلاد الكفر بعد أن فتحت له أبواب اللجوء الانساني!!
السؤال الثاني : من المسؤول عن إنتاج هذا الفشل المتوالد في انعدام التنمية المستدامة مقابل خطاب الكراهية ؟؟
الجواب الكبير عندي هم رجال الدين ومرجعياتهم التفسيرية للشريعة بمختلف أنواعها .. فمن يقول أنه أمام عصره أو أمير الجماعة تقع عليه المسؤولية المجتمعية التي وفق ايات كثيرة في القران الكريم سيقفون بين يدي رب عادل وحين يقول الناس هؤلاء أضلونا يكون الجواب لكل منكم ضعفين من عذاب الجحيم .
السؤال الثالث : هل تدرك المرجعيات الدينية لتلك الاحزاب هذه الآثام الدنيوية ؟؟
الجواب أيضا لا بد وأن يكون نعم وإلا ما صفة القيادة المفترضة لتوصيف وجودها لقيادة المجتمع بهذا المركب!!
كل ذلك يؤكد عنوان هذا المقال أن التاريخ العربي الإسلامي شاهد ومشهود لكنه بلا حضارة متأصلة في الزمن والمكان والناس أفرادا وجماعات لذلك ظهرت اللامبالاة والاتكالية وازدواجية المواقف فهناك الف تبرير وتبرير عن نعم الدنيا والتمتع بما طاب من النساء مقابل ألف دعوة للجهاد ..الفريضة الغائبة من دون أن يفكر ويعقل الكثير من المتصدين للسلطة من خلال هذه التفسيرات السياسية المعاصرة بعقلية النقد عن جدوى هذه الأحزاب الإسلاموية في النهوض المجتمعي ومتطلبات التنمية المستدامة ليكون ابن العراق مثل ابن الأوروبي ..يتمتع بحقوق الحياة حتى قيل وجد المسلمون في بلاد الغرب بأخلاقهم فيما وجد الإسلام في بلاد العرب بالانتماء فقط !!
السؤال الأخير : كيف يمكن التغيير ؟؟
من الضروري أن يظهر مصلحون مجددون من داخل المرجعيات الدينية لهذه الاحزاب وهذا النموذج من الاصلاح يتطلب مواجهة تحديات الجاهلية المتجددة وانغماسها في مفاسد السلطة .. وهذا يتطلب الفصل الواضح والصريح والمباشر بين مرجعيات دينية لا علاقة لها بالعمل السياسي كليا ومرجعيات دينية تشتق أجنداتها الحزبية بعناوين دينية .. وأعتقد يتطلب شجاعة الاعتراف بالخطأ ونقد الخطاب الفكري ثقافيا وإعلاميا لا سيما وأن هذه الأحزاب تعقد مؤتمرات دورية لتقييم الأداء الوظيفي وعلى الرغم من حضوري ومتابعتي كصحفي لأكثر من مؤتمر لأكثر من حزب إسلاموي عراقي .. سمعت كلمات عن نهج أفضل من دون نقد المرتكز الفكري لإعادة صياغة الحلول الفضلى في الهندسة المجتمعية والدينية والاقتصادية التي يمكن أن تمضي إلى بناء دولة مدنية عصرية للحكم الرشيد وليس العكس وهو للأسف ما حصل ويحصل ولله في خلقه شؤون!!!