بقلم: مازن صاحب
الشرق اليوم- منذ ظهور الدولة الحديثة في أوروبا ونقل الاستعمار البريطاني والفرنسي هذا النموذج في تأسيس دولا تم تقاسم النفوذ فيها ما بعد اتفاقية سايكس بيكو. والعراق قائم على نموذج متجدد لإدارة هوية وطنية عراقية مرة بنظام برلماني ملكي وأخرى بما عرف بالمشروعية الثورية ومن ثم عهد النظام البرلماني الجمهوري الذي تحولت فيه الديمقراطية التوافقية المسؤولة إلى نموذج لمفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والأجندات الإقليمية والدولية للأحزاب المهيمنة على السلطة.
واحدة من أبرز نتائج 17 عاما مضت أن هذا الهيكَل لشبح الدولة العراقية لم يحقق الحد الادنى من الهوية الوطنية فلا نعرف هوية الامن الوطني مع من وضد من؟ ولا نعرف هوية الاقتصاد العراقي هل ما زالت تطبق هيمنة القطاع العام كما هي الأنظمة الاشتراكية أو انه يتجه نحو اقتصاد السوق الاجتماعي المفتوح؟ ولا نعرف حسب قانون الجنسية وتعديلاته ما بعد 2003 هل العراقي من ابوين عراقيين بالولادة ام من ام عراقية واب أجنبي!
هكذا نصل الى السؤال الذي اخذته عنوانا لهذا المقال هل هوية المواطنة تعني الولاء للعراق وسيادته وامنه في ضوء ميثاق الامم المتحدة والدستور العراقي النافذ ام أن هذه الهوية الوطنية وفق المواثيق الدولية والدستور يتقدم عليها اكثر من ولاء فهناك ولاء العشيرة وأيضا ولاء الاحزاب وما تمثله من اجندات اقليمية ودولية تتصارع بالوكالة في العراق وأيضا هناك اخطر أنواع الولائية للأجنبي بعنوان الولاء العقائدي وفق تفسيرات دينية فالإخوان المسلمون وإتباع ولاية الفقيه كل منهما يقدم الولائية الحزبية على الولاء للهوية الوطنية العراقية. .كما يفعل ذلك الكردي الذي يقدم الولائية القومية على الولائية السياسية للهوية الوطنية العراقية .. وسبق وان فعلها القوميون العرب والشيوعيون حينما قدم الولاء العروبي على الولائية السياسية للهوية الوطنية العراقية وكذلك فعل الشيوعي حينما قدم الولائية السياسية للاتحاد السوفياتي السابق على الولائية السياسية للهوية الوطنية العراقية.
السؤال من المستفيد من هذه الازدواجيات الولائية للأجنبي بعناوين مختلفة؟
الإجابة عندي يستفيد من ذلك.. كل عدو للهوية الوطنية العراقية وأبرزهم المشروع الاسرائيلي لتقسيم العراق ومحوه من الخارطة الجغرافية كليا … وهناك كتاب معروف بهذا العنوان؟
اما من يدافعون عن هذه الازدواجيات الولائية السياسية خارج سياقات مواثيق دولية معروفة ودستور عراقي وقوانين نافذة فأقول لهم.. أي تفسير غير دستوري أو قانوني معترف به إنما يمثل خرقا يمكن أن يحال مرتكبه إلى القضاء وهذا دور الادعاء العام المفروض النهوض به.
يبقى من القول أن أي تبرير باي اتجاه يتطلب اقرانه بالهوية الوطنية العراقية كليا.. فمحاربة الاحتلال الأمريكي ومقاومته إنما هي عراقية بامتياز ولا يمكن أن تقبل فكرة التعاون مع اعداء أمريكا في المنطقة لان ذلك يعني تحويل الأرض العراقية إلى ساحة تصفية حسابات اقليمية ودولية .. وهكذا ضاعت 17 عاماً عجاف من تاريخ العراق الجديد.
ومن يعتبر أن ثمة اكثرية واقلية مكوناتية هي من تتحكم بالمعادلة السياسية فهو واهم أيضا ولنا في تجارب الامم والشعوب ومنها لبنان وقبرص.. أتعس ما اشعر به حين أقرأ أن الصومال قد سددت ديونها للبنك الدولي فيما عراق النفط.. الذهب الأسود يغرق في مستنقع الديون ونسبة الفقر تقفز بالمجتمع الهش.. لأن البعض ممن يتصدى للسلطة اليوم اعتاد الوقوف على ابواب السفارات وخلق بمفاسد المحاصصة شريحة اجتماعية طفيلية تعتاش على فتات موائدهم..
لا يمكن لهم الالتزام بالهوية الوطنية العراقية الجامعة والشاملة.. ويقومون بعلم ودراية أو كردود أفعال غاضبة أو ردود أفعال غبية.. ما هو مرسوم لهم من ادوار في محو العراق وفق المشروع الاسرائيلي… ولله في خلقه شؤون!