بقلم: مازن صاحب
الشرق اليوم- قبل وصول السيد مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء، كتبت اكثر من مقال عن أهمية أن يكون منهج التغيير ضروري في إخراج العملية السياسية من صندوق الانغلاق بسبب مفاسد المحاصصة.. ونصحت أن يكون أي رئيس وزراء عراقي بامتياز كما هو حال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ينهض بالحلول الفضلى للخروج بالعراق من هذا الانغلاق فما الذي حصل وما الذي يمكن أن يحصل؟
أولا: لا يمكن توصيف حال الكاظمي أو أي رئيس وزراء يأتي من صندوق المحاصصة ومفاسدها.. لن يتمكن من تطبيق نموذج الرئيس بوتين عراقيا .. لانه يصطدم بمواقف قيادات الاحزاب المتصدية للسلطة واليات الحفاظ على امتيازات مفاسد حكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للأحزاب المهيمنة على السلطة .
ثانيا: أي محاولة لتفسير خطوات السيد مصطفى الكاظمي خلال فترة وجوده في هذا المنصب هو العمل على فرز خنادق الاشتباك القريب للسيطرة على السلاح خارج سيطرة الدولة .. في سياق الاستجابة المطلوبة للحد من قصف السفارة الأمريكية .. هذا الفرز في خنادق الاحزاب الشيعية حصرا أدى إلى ظهور تحالف عراقيون وهناك تحالفات أخرى في إطار الظهور المتدرج فقط لتحديد هوية سلاح الحشد الشعبي باعتباره تحت سلطة القائد العام للقوات المسلحة العراقية واي سلاح يقصف السفارة الأمريكية إنما يجب تحجيمه ومن هنا جاء التغيير في منصبي مستشار الامن الوطني ورئيس جهاز الامن الوطني .. فيما كان السيد صالح الفياض يمثل صلة الوصول بين قيادات سلاح المقاومة والممانعة الإسلامية خارج سلطة الحكومة ووجود شخصيات أخرى .. تفرز الخنادق بشكل أكثر وضوحا وبإجراءات قانونية واضحة وحدود مالية مباشرة ستجعل موازنة الحشد الشعبي على المحك في المرحلة المقبلة .
ثالثا: ما الخطوة المقبلة؟ اعتقد الإجابة على هذا السؤال ستكون داخل مجلس النواب العراقي ضمن مسارين متوازيين يعبران عن ثقافة القضم التدريجي وفرز الخنادق.. الخط الأول سحب ملفات الفساد الكبرى في تحقيقات مجلس النواب ولعل ابرزها ملف سقوط المدن العراقية تحت سلطة عصابات داعش الارهابية واحالة المسؤولين عنها إلى القضاء .. والثاني احالة من يتهم بقتل المتظاهرين أيضا للقضاء وهناك مجموعة ملفات من بينها ملفات المرحوم أحمد الجلبي التي يمكن أيضا احالتها للقضاء بما يسقط أسماء كبيرة في صندوق مفاسد المحاصصة ..مثل هذا الدوي داخل مجلس النواب سيجبر الكثير من القوى السياسية على القبول بمتغيرات توضع دراسات معمقة فيها للانتهاء من جدل قانون الانتخابات المقبلة … وهذا ما قدم إعادة الدكتور عبد الحسين الهنداوي كمستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات .. والايام المقبلة حبلى بالأحداث لكنها بحاجة إلى عمليات قيصرية بعد أن اتضح أن أي ولادة طبيعية غير ممكنة في زنا محارم التحالفات السياسية داخل مجلس النواب .
في ضوء كل ما تقدم.. هناك ردود أفعال غاضبة وغبية.. غاضبة بعناوين تتهم الكاظمي بالعمالة للأمريكان وغبية لان الجميع يعرف معرفة اليقين أنهم يرقصون على حبال المشروع الإسرائيلي في العراق.. وأن (كعب أخيل) جميع من يدعي وصلا بالعراق يتمثل في مفاسد المحاصصة التي يمكن الكشف عن ابوابها الدوارة في البنوك الاقليمية والدولية من قبل وزارة الخزانة الأمريكية.. تجعل الكثير ممن يصرح بصخب، بالحديث عن خروج القوات الأمريكية من العراق.. يصمتون صمت الحملان!!
ولله في خلقه شؤون.