الرئيسية / الرئيسية / قراءة في مواد تعديل الدستور

قراءة في مواد تعديل الدستور

بقلم: المهندس زيد نجم الدين

الشرق اليوم- من خلال متابعتي لتفاسير المحكمة الاتحادية العليا، اتضحت لي الطريقة أو الأسلوب الذي تعتمده المحكمة الاتحادية العليا في تفسير النصوص الدستورية محل الاختلاف، حيث أن المحكمه المختصه بتفسير مواد الدستور انتهجت اسلوب استقلالية النص الدستوري في تفسيرهِ، أي أنها تتعامل مع كل نص دستوري بأستقلاليه و بعيدا عن النصوص الدستورية الأخرى وأكثر من ذلك إذ أنها تمنح الاستقلالية بالتفسير لكل فقرة من فقرات المادة الدستورية الواحدة، والأمثلة في ذلك كثيرة وآخرها الاستفسار الأخير الذي تقدم به رئيس الجمهورية حول موضوع تعيين الكتلة الأكبر ومن يحق له ترشِيح رئيس الوزراء، حيث أن المادة ٧٦ من الدستور العراقي في الفقرة أولاً تحصر الترشيح بالكتلة النيابية الأكبر، أما في الفقره خامساً من نفس المادة (و التي تتحدث عن التكليف الثاني) فلم تتضمن الحصر الوارد بالفقرة اولاً وبناءا على ذلك، جاء تفسير المحكمة الاتحادية مانحاً رئيس الجمهورية صلاحية الترشيح و التكليف دون الرجوع للكتلة الاكبر ، مرسخةً بذلك منهجها المألوف في تفسير النصوص الدستورية والمبني على استقلالية النص الدستوري في التفسير.

وبالتزامن مع المطالب الشعبية الرامية نحو تحقيق إصلاح شامل و جوهري يطال كل مواطن الخلل في النظام السياسي الحالي، تتجه الأنظار نحو الدستور العراقي الحالي والمقر في استفتاء عام ٢٠٠٥ والذي يعد من أهم المحطات الإصلاحية التي قد تقف عندها عجلة الإصلاح طويلاً ، حيث إن الحديث عن ضرورة مراجعة الدستور و معالجة ما شُخِصَ من نقاط ضعف فيه يفتح الباب امام ازمه جديده عنوانها آلية تعديل الدستور ويزاداد المشهد تأزماً عند الايغال في الحديث عن المادة الدستورية المعنية بالتعديل الدستوري فضلا عما سيشهده التعديل من حيث المضمون و الشكل.

الدستور العراق تحدث عن الية تعديلهِ في مادتين دستوريتين و هن المادة ١٢٦ و المادة ١٤٢ ، و كل من المادتين يمثل مسارا مستقلا لتعديل الدستور ، فالمادة ١٢٦ منحت حق اقتراح تعديل الدستور لرئيس الجمهورية و مجلس الوزراء مجتمعين، أو لخُمس (1/5) أعضاء مجلس النواب ، اما المادة ١٤٢ فرسمت مسار مختلف عن المسار الاخير اذ انها فرضت على مجلس النواب في بداية عمله تشكيل لجنة لدراسة التعديلات الممكنه و تقديمها بتقرير لمجلس النواب ، الفرق الجوهري بين المادتين او المسارين اعلاه يكمن في ان الفقره رابعا من المادة ١٤٢ اشترطت في تمرير التعديل الدستوري ان لا يرفض التعديل من ثلثي المستفتين في ثلاث محافظات او اكثر و هذا ما لم يرد ذكره في المادة ١٢٦ و التي تمثل المسار الاخر لتعديل الدستور ، و هذا ما اختلف عليه الفرقاء السياسيين ، اذ ان الفريق الاول يعتقد ان شرط عدم النقض من ثلاث محافظات يشمل كلا مساري التعديل (اي ان الشرط ساري سواء كان التعديل وفق المادة ١٢٦ أو ١٤٢) اما الفريق الثاني فيعتقد ان هذا الشرط محصور بالمسار الثاني للتعديل اي التعديل وفق المادة ١٤٢.

و بناءا على تجارب المحكمة الاتحاديه السابقه في تفسير ما اختلف فيه الساسه من نصوص دستوريه ، يتضح ان المحكمه تتعامل مع النصوص باستقلاليه تامه و كما اوردنا اعلاه. لذلك ، اذا طبقنا اسلوب المحكمه الاتحاديه في تفسير النصوص الدستوريه على الحالة محل الجدل ، يتضح ان الشرط الوارد في المادة ١٤٢ قطعاً هو ملزم للتعديل وفق مادته فقط ، و غير ساري على التعديل وفق المادة ١٢٦ التي لا تتضمن شرط عدم النقض من ثلاث محافظات ، علاوه على ان الاستثناء الوارد في الفقره خامسا من المادة ١٤٢ و الذي ينص على استثناء ما ورد في المادة ١٤٢ مما ورد في المادة ١٢٦ يعزز حصر شرط عدم النقض من ثلاث محافظات في المادة ١٤٢ من الدستور.

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …