بقلم: عبد الخالق الشاهر
الشرق اليوم- ظاهرة الفصائل المسلحة هي ليست بالظاهرة الحديثة بل هي ترافقت أو لحقت بعد حين بظاهرة نشوء الدولة لتحقيق أهداف معينة لتحل نفسها بعد تحقيق تلك الاهداف، أو أن تغير أهدافها تبعا للظروف، وتستمر بالعمل الى حين، وأقول الى حين لأن نظرياتها غالبا ما تكون متناقضة مع نظرية الدولة وأهدافها، فضلا عن أنها غالبا ما تكون نتاج طبيعي لحالة ضعف الدول وضعف الاستقرار والأمن وهي حالة ليست دائمة، وعندما تتغير المدخلات وتستقر الأمور تصبح عبئا على الشعوب والحكومات الباحثة عن التنمية المستدامة في كافة جوانب الحياة. بل أن حتى النظم السياسية التي تبقى سائرة بعقلية المعارضة والممانعة قد تكون عبئا عليها بعد تحقيق هدف السلطة من وجودها.. وكنت أقول في محاضراتي عن الاستراتيجية وكيف أن غرضها دوما هو تحقيق المصالح العليا للدولة ولا أنسى قول أن هذه الاستراتيجية قد لا ترسم لتحقيق مصالح الدولة فقد تكون الدولة عبارة عن عائلة تسمى آل فلان وآل فلان وهي كثيرة في وطننا العربي وقد تمثل بكتلة أو حزب كدولة القانون وحزب الدعوة الاسلامية في عهد السيد المالكي حيث هيمنوا على 72% من المناصب العليا والدرجات الخاصة حسب تصريح السيد معلة من المجلس الاعلى حينها .
الدولة التي تعمل تلك الفصائل المسلحة داخل حدودها قد تدعمها أحيانا بالسلاح والمال لاستخدامها كداعم في الصراعات السياسية للحصول على تأييد ونفوذ توظفه في أحكام السيطرة على الخصوم وخاصة عندما تكون الدولة مفككة وهذا ما حصل عندما تم سحب اسلحة وعجلات ومواد (80) معسكر وقاعدة امريكية من وزارة الدفاع لمصلحة بعض الفصائل، والتي بفضل ذلك وبفضل الدعم الخارجي باتت فصائل كبيرة ومؤثرة على عملية صنع القرار السياسي خصوصا وأنها صارت جزء مهم من العملية السياسية ودخلت البرلمان والحكومة وبالتالي صار الامر كالآتي: وهو أنه رغم حظر الدستور للفصائل المسلحة بشكل لا يقبل الشك الا أن بعض الحكومات دعمت تشكيلها بل أدخلتها العملية السياسية رغم حضر الدستور أيضا، وحكومات تحدثت عن حصر السلاح بيد الدولة و(غلست) كما يقول الشيخ الخزعلي، ويبدوا من خلال المعطيات الراهنة أن الحكومة الحالية جادة ولن تغلس ومستعدة لتقديم التضحيات لبناء دولة للمرة الأولى منذ العام 2003.
السؤال المهم هنا هو: هل نتوقع أن كل الفصائل المسلحة خارج إطار الدولة سترمي سلاحها بمجرد خروج كل القوات الأجنبية وبقائنا نحن وداعش فقط و (جيب ليل وخذ عتابة)، أو بمجرد تصالح إيران مع أمريكا ؟؟ إن كانت الإجابة نعم فما هو مصير عشرات الآلاف من منسوبيها وفيهم قادة لمعت أسمائهم ولديهم مكاتب اقتصادية ومنافذ ومصالح هنا وهناك، وكيانات هي من القوة بحيث لو كلف أحدها بمنع التجوال لما شاهدت طيرا في الشارع؟؟ وبماذا ستقايضهم الدولة – اقصد القيادات- وهم اكثر تأثيرا من حتى الوزراء بضمنهم وزير الصحة.
هل سيقبلون بمصير الصحوة التي انهت تنظيم القاعدة الارهابي ولم تحتسب لهم خدمة (جهادية)؟؟ أم سيقبلون بالانضواء تحت قيادة الحشد الشعبي ألذي صار منظمة رسمية وتحت امرة القائد العام الى حد ما ؟؟
أعتقد أن أمر الانضواء سيكون سهلا على المنسوبين رغم أنهم سيخسرون شيئا من (كشختهم) أما الزعماء فسيصعب عليهم الأمر لأن الذي تعود ان يكون قائدا وزعيما لا يرتبط بأحد من أبناء بلده يصعب ان ينتظم تحت قيادة بعد أكثر من عقد من الحرية المطلقة، هذا فضلا عن أنهم يعلمون أن اعتماده على العملية السياسية سيكون غير مجد بسبب صعوبة الحصول على أصوات الناخبين وهم بلا نفوذ ولا مال . في ضرف تكون فيه إيران والعراق ولبنان قد أعلنت إفلاسها .
التوقع الذي نأمل أن لا يكون هو أنه إن رحلت أمريكا أم لا فهم لديهم نية جادة بالبقاء الى آخر لحظة ممكنة حتى ولو طلبت الدول الثلاث منهم ذلك ..