الشرق اليوم- سلطت دراسة لمركز الدراسات المستقبلية، الضوء على فرص الوصول لاتفاق مستدام وشامل بين أربيل وبغداد والمعوقات التي تصعب الوصل لهذا الهدف في ظل حاجة الطرفين لذلك لأسباب مختلفة لكل من الطرفين.
والدراسة تحمل عنوان “القراءة المستقبلية ـ 5” التي يعدها مركز الدراسات المستقبلية الأكاديمية بشكل دوري شهريا، ذكرت أن الآليات الدستورية والديمقراطية المرعية عالميا غائبة في حل القضايا الشائكة بين أربيل وبغداد منذ سنوات بعيدة، وهذا الغياب تسبب ببقاء المشاكل عالقة طيلة سنوات آخرها قضية مستحقات الاقليم وحصته من الموازنة الاتحادية.
تشير الدراسة إلى أن الخلافات الأخيرة تطورت بعد أن أظهرت حكومة الاقليم عدم القدرة على الالتزام بالاتفاق المبرم مع الحكومة الاتحادية لتسليم 250 ألف برميل نفط يوميا لشركة النفط الوطنية (سومو)، مقابل صرف جزء من مستحقات موظفي اقليم كوردستان من قبل بغداد، و بررت حكومة الاقليم موقفها بالمديونية جراء قطع بغداد حصتها من الموازنة بين عامي 2014 _ 2018، وعرض الاقليم أيضا بشكل غير رسمي ورقه تشير إلى أن بغداد مدينة للاقليم بـنحو 400 مليار دولار، جراء النكبات التي تعرضت لها كردستان بسبب سياسة الأنظمة العراقية السابقة التي حكمت البلد منذ 1963، ومن ضمنها الضحايا البشرية والخسائر البيئية وتدمير البنية التحتية، إضافة الى تكاليف إيواء النازحين بين خلال أعوام 2014 ـ 2019 مع تكاليف تأمين الكهرباء لمدينة كركوك خلال 2011 ـ 2020، بجانب المبالغ المستقطعة من الاقليم في الأعوام السابقة.
مقابل ذلك تقول الأطراف العراقية أن الاقليم تحصل على 12_13% من ميزانية العراق دون أي التزام مالي تجاه المركز وتصدر حكومة الاقليم أكثر من 400 ألف برميل نفط عبر تركيا بعيدا عن المركز، فيما تطالب أطراف عراقية بإلزام الاقليم بدفع تكاليف الضرر الذي لحق بالعراق جراء ذلك والمقدر بـ 128 مليار دولار في تحقيقات منسوبة إلى النزاهة.
وذكرت الدراسة أن الهدف من المباحثات الأخيرة من المنظور الكوردي الغالب هو تثبيت حصة الاقليم في موازمة 2020 العامة، على غرار موازنة 2019، والزام بغداد بدفع مستحقات جزء من موظفي الاقليم وفق اتفاق يتوصلان إليه لتسليم النفط، لكن من منظور بغداد فإن الهدف يكمن في ارغام أربيل على تسليم النفط الذي بذمته منذ العام الفائت ولم تسلمه للمركز قبل التوقيع على أي اتفاق جديد، كما تشدد بغداد على إلزام الاقليم بتسليم جميع الواردات المستحصلة من بيع النفط بجانب توزيع واردات الجمارك والمنافذ الحدودية مقابل حصص الموازنة المخصصة للاقليم مستقبلاً ضمن الميزانية العامة.
وتستدرك الدراسة أن المحادثات الجارية بين أربيل وبغداد تتيح فرصاً للجانبين إلا أن الأزمات الاقتصادية وتداعيات كورونا من انهيار سعر النفط تصعب سبل الوصول إليها على نحور يرضي الطرفين.
بحسب الدراسة الفرص وعوامل الضغط للاتفاق بالنسبة للاقليم تتمثل في: الأزمة الاقتصادية وبطء خطوات الإصلاح داخليا، تعثر حكومة الاقليم بسبب عدم تعاون مكونات التحالف الحكومي في تطبيق الإصلاح مع غياب خطة اصلاح وطنية كوردية شاملة للخروج من الأزمات ما يجعل موقف الحكومة في أربيل في وضع يحتاج إلى دعم الحكومة الاتحادية، فضلا عن هذا تشكل التهديدات الاقليمية التي تواجه الاقليم عامل ضغط على أربيل وتجعلها بحاجة للدستور العراقي، كما يمكن استخدام ورقة التقارب مع بغداد للوقوف بوجه التهديدات المشتركة التركية ـ الإيرانية ضد الإقليم.
وبالنسبة لبغداد فأن الاتفاق يوفر دعما سياسيا وأمنيا لحكومة الكاظمي خاصة في المناطق المتنازع عليها وفق الدراسة وتشدد على أن الحكومتان بحاجة الى التضامن لمواجهة الفساد والإهتمام بالأولويات المستجدة على الساحة العراقية.
ويظهر من هذا أن العائق أمام الوصول إلى الحل يكمن في المتاعب الاقتصادية خلافا للعقبات السياسية التي حالت دون ذلك خلال السنوات السابقة كما أن الأوضاع السائدة في العراق لاتساعد في تخفيف الاحتقان والصراعات بين أربيل وبغداد.
وعلى مستوى اقليم كوردستان فإن المعوقات للتوصل إلى الاتفاق تكمن في: التنافس الحزبي وخاصة بين الأحزاب، غياب التوافق بشأن حل القضايا، اضافة إلى الديون والالتزامات المالية للشركات الأجنبية، غياب الشفافية حول الدخل والواردات بجانب غياب الثقة بين بغداد وأربيل وعدم حل القضايا الدستورية، في ظل وجود قناعة كوردية تنظر لبغداد كفرصة واقعية لا هدفا استراتيجيا، يقابله وجهة نظر تشدد على أن الحكومة الاتحادية شريك دائمي وأن أطر الدولة العراقية تشكل السبيل الوحيد للتعايش.
يذكر أن مركز الدراسات المستقبلية، مركز غير حكومي تأسس من أجل إجراء دراسات علمية بغرض تحقيق المصلحة العامة، وهو حصل على إجازة وزارة التعليم العالي و البحث العلمي في إقليم كوردستان العراق ويتخذ من السليمانية مقرا له ويصدر كل شهرين مجلة تعني بالدراسات المستقبلية إضافة إلى رعاية مجلية علمية محكمة تعني بالدراسات السياسية والأمنية.