بقلم: مازن صاحب
الشرق اليوم- منذ ظهور (دولة – المدينة) وجميع مراحل تطورها حتى ظهور الامبراطوريات ثمة متلازمة واقعية لنهوض الدولة أو انهيارها تقوم على تحقيق اهداف الدولة لتكون كما قال هارون الرشيد للغيمة (اذهبي أين شئت فخراجك عائد لي) وتطبيقات ذلك على حياة الناس سواء اكان في مرحلة النهوض أو الانكسار .
وحين كان شعراء عكاظ يقدمون نموذجا للتواصل الاجتماعي فإن واقع تقنيات اليوم حولت جهاز الموبايل إلى رقعة شطرنج للتفاعل السياسي .. لذلك تأخذ الدول في سياساتها عملية قياس الاثر المباشر أو غير المباشر لتعميم هذه السياسات كرؤية منهجية لإدارة نهوض الدولة العراقية أو الغاءها وتشظي المجتمع العراقي كل حسب منظور أفعال واجندات الاحزاب المتصدية للسلطة.
ما حصل بعد 2003 وحتى اليوم إنما يمثل نوعأ من تراكم اثام وخطايا مفاسد المحاصصة لكي يطرح عبر وسائل الإعلام مقالات عن التقسيم الودي للعراق والغاء كيان دولة فاشلة مقابل ديمومة مفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للاحزاب المهيمنة على السلطة كما دعت إلى ذلك الكاتب سيربت بامرني في مقالته على موقع ايلاف بعنوان (نعم هناك طريق ثالث)!!
هذا النموذج للغباء الناعم في تصدير النموذج الفج والقبيح لتقسيم العراق الجديد الذي يروج له لأسباب مرتبطة بالمواقف الاقليمية والدولية كنموذج للذكاء الخشن .. فيما القوم منشغلين اليوم بمفترق طرق على طاولة المفاوضات الاستراتيجية بين واشنطن وبغداد .
هذه الصورة الكلية التي روح لها في مقالات سبق وأن نشرت بقلم كبار المسؤولين العراقيين مثل الدكتور موفق الربيعي بعنوان (فرق ثم وحد) لتطبيق مقترحات بايدن (المرشح للرئاسة الأمريكية) عن تقسيم العراق إلى دولة كردية وشيعية وسنية .. واليوم حين يعود هذا الحديث إلى واجهة الحدث العراقي من جديد في تغريدات أو مقالات تسوق امكانية تجاوز الأزمة المتوالدة في العراق الجديد بذات الطريق الاصعب والاخطر لمستقبل وجود دولة العراق كنوع من إشاعة الغباء السياسي الناعم وتصديره للراي العام الجمعي أن معضلة مفاسد المحاصصة بلا حلول الا في تقسيم العراق وترك أمراء طوائف مفاسد المحاصصة قيادة مكوناتهم من دون تنازع فيما بينهم .
وحين تكون هذه الحلول خارج سياقات بناء دولة مدنية عصرية للحكم الرشيد في عراق اليوم .. يمكن تجميع احجار الميكانو السياسي العراقي في الافعال وردود الافعال ما بين نموذجي الغباء الناعم والذكاء الخشن لملاحظة أن حكومة الكاظمي تواجه تحديات الأسوأ والاكثر سوءا في الغباء الناعم للقوى السياسية المتصدية للسلطة التي تنفيذ اجندات اقليمية ودولية للذكاء الخشن في زمن الكورونا الدولية وما صاحبها من انخفاض أسعار النفط بما يجعل فكرة التقسيم الودي مقبولة لاسيما وان الموقف الكردي أعلن رسميا عن ذلك خلال وما بعد الاستفتاء على استقلال اقليم كردستان (الجنوبية) من دولة غير معترف بها اسمها الكامل (جمهورية العراق) وهناك تنامي لظهور الاقليم السني فيما الكثير والكثير جدا من الطيف السياسي الشـــيعي يروح لتوحيد المحافظات الجنوبية – بعد التقسيم الودي للعراق- مع الجمهورية الإسلامية الايرانية.
وسط هذا الصخب السياسي يمكن توقف واشنطن أمام خيارات متعددة في مفاوضات استراتيحية واقعية تبحث فيه عن امكانية تحول العراق من دولة (اشباح) امنية وسياسية واقتصادية إلى دولة الحكم الرشيد لضبط ايقاع العلاقة دولة مدنية عصرية قادرة على إنفاذ القانون وخلق توازن في العلاقات الاستراتيجية بين هذه الدولة والدول الاقليمية .. وهذا ما ترفضه احزاب مفاسد المحاصصة!!!
هذه صرخة تنبيه للراي العام الجمعي العراقي للانتباه إلى ما يخطط في كواليس الغباء الناعم لهذه الاحزاب المتصدية للسلطة ومواجهة الأسوأ المقبل .. ولله في خلقه شؤون!