بقلم: مازن صاحب
الشرق اليوم- أظهرت نتائج آخر استطلاع للرأي العام أجرته المجموعة المستقلة للأبحاث – وفق معايير مؤسسة كالوب الدولية للأبحاث- أن العراقيين متفائلين بحذر بخصوص أداء السيد مصطفى الكاظمي.
وتجرى مثل هذه الاستطلاعات بالشكل الذي يمثل نسب موحدة من الشرائح السكانية حسب الفئات العمرية والتحصيل الدراسي ومناطق السكن بما يحقق معادلة احصائيه تخصصية تجمع حصيلة الآراء في معادلات رياضية تمثل الخطوط العامة لعدم الوقوع في نسبة من الخطأ يمكن أن تتجاوز نسبة 5%
. وعلى الرغم من انقسام العراقيين في الرضا عن اختيار الكاظمي (50/50) فقد كانت هناك غالبية واضحة (64%) لها رأي مفضل بالسيد الكاظمي وهي نسبة مقاربة لما حصل عليه السيد العبادي في شهره الأول بالمنصب لكنها أعلى بكثير مما حصل عليه السيد عبد المهدي (36%) خلال شهره الأول في المنصب.
كما أظهر الاستطلاع رضا المستطلعة اراؤهم عن قدرة السيد الكاظمي في إدارة الأمور إلى الآن حيث أفاد 60 % أنه كان قادراً على أداء مسؤولياته وهي أعلى بكثير من تقييم العراقيين لعبد المهدي بعد شهر من توليه السلطة حيث أفاد 46 % فقط آنذاك أنه كان قادراً على تحمل مسؤولياته. مع ذلك ينبغي الحذر في الأستنتاج من هذه الأرقام كونها اول استطلاع لرأي العراقيين بالكاظمي ولأن نسبة كبيرة من العينة كانوا مترددين في اختياراتهم.
كما أظهرت نتائج ذات الاستطلاع الذي أجري هاتفياً وباستخدام الكومبيوتر على عينة عشوائية تتألف من 1000 عراقي مقسمين ديموغرافياً وخلال الفترة من 6-11 حزيران الجاري استمرار ظاهرة عدم ثقة العراقيين بدول الجوار عموماً وباللاعبين الدوليين الآخرين وانخفاض حدة الاستقطاب في التأييد لتلك الدول على أساس طائفي أو عرقي ، إذ لم تصل أي من أمريكا و إيران والسعودية وتركيا إلى حاجز تأييد ربع العراقيين ، ومع ذلك كانت إيران هي أقل دولة حازت على ثقة العراقيين وبنسبة 15 % فقط ، واعتبرها 13.5 % فقط أنها شريك موثوق للعراق. لكن المثير ان خيارات العراقيين للشراكات مع الدول(وبعكس كثير من السياسيين) جاءت على أساس مصلحة العراق كما تراها العينة وليست على أسس عقائدية او قومية او دينية. فقد أختار العراقيون الصين كأول شريك للعراق أقتصاديا, لـكنهم أختاروا الولايات المتحدة كاول شريك عسكري في حين أختاروا الأتحاد الأوربي كأول شريك ثقافي.
مما تقدم من معطيات احصائية يبدو من الممكن القول :
أولا: يبقى العراقيون أمام منعطف طرق في وصول الكاظمي لرئاسة الوزراء واحد حصوله على نسبة تفضيل في هذه النتائج يؤكد الحاجة الملحة للخروج بالعراق من أزمات متعاقبة واعتقد أن هذه النتائج يمكن أن ترتفع أو تنخفض وفقا لاداء حكومة الكاظمي في الإلتزام ببرنامج حكومته ما بين النجاح والفشل في ملفات مهمة لعل ابرزها منع الفساد ومكافحته .
ثانيا : تعكس الأرقام عن راي العراقيين بالعلاقات مع ايران والولايات المتحدة الأمريكية في معدل الهبوط منذ عام 2017 حتى 2020 لكلا الدولتين يظهر نوعأ متجددا من الضجر الشعبي من هاتين الدولتين باعتبارهما يمثلان مصادر الخلل في التاثير على الاجندات الحزبية ؛ الأمر الذي يحتاج أن تتوقف عنده الاحزاب المتصدية للسلطة والدائرة في التبعية السياسية لكلا الدولتين واهمية إعادة صياغة اجنداتهم الحزبية بما يتناسب مع هذه النتائج .
ثالثا : ما زالت ( مهنة الديمقراطية) في عراق اليوم بحاجة إلى توظيف تفسيرات معرفية لإدارة الحكم من خلال استطلاعات الراي العام العراقي ؛ فمن يريد أن يطاع عليه الامر بما هو مستطاع ولا يمكن الوصول إلى ما هو مطلوب ليس مجسات المستشارين والمقربين من قيادات الاحزاب المتصدية للسلطة إنما من خلال استطلاعات الراي العام العراقي عندها سيكون أمام هذه القيادات وسائل كافية للاستثمار في رأس المال السياسي وكسب الشارع الانتخابي .
يبقى من القول الفصيح أن إدارة الراي العام تتطلب دراسات اكاديمية سابقة لإعداد استطلاعات الراي العام ومن ثم تحليل منهجي متجدد لنتائجه .. ولله في خلقه شؤون!!