الرئيسية / الرئيسية / الارهاب والفساد وجهان لحكومة واحدة

الارهاب والفساد وجهان لحكومة واحدة

بقلم : نوفل آل صياح الحمداني

الشرق اليوم- تؤكد معظم المراجع العلمية أن هناك علاقة جدلية بين الارهاب والفساد فكلاهما أعمال منافية لطبيعة الجنس البشري ومنظومة القيم الاخلاقية والانسانية.

فالارهاب هو وسيلة من وسائل الاكراه المتعمد لخلق أجواء من الخوف والفزع والهلع والرعب لدى ابناء الجنس البشري.

ويرى عدد من الباحثين أن العمل الارهابي يعود إلى ثقافة الإنسان وحبه للسيطرة وزجر الناس وتخويفهم بغية الحصول على مبتغاه، بشكل يتعارض مع المفاهيم  الاخلاقية الاجتماعية والانسانية الثابتة.

ويرى آخرون أن الأسباب التي تجعل من الشخص أو المجموعة إرهابي، هو عدم استطاعة هذا الشخص أو المجموعة فرض سيطرتهم ونفوذهم لعدم تقبل الشعوب لهم ولشعورهم بضعف امكانياتهم في التوافق والانسجام مع طبيعة الشعوب والمتغيرات التي تعصف بالمجتمع .

إن العمل الإرهابي عمل قديم يعود الى مئات السنين وليس حدثًا طارئًا في تاريخنا المعاصر وتتعدد اهدافه وسبله واتجاهاته للتأثير على الشعوب.

إذ استخدم مصطلح “terrorism” لأول مرة العام 1795 وكانت الكلمة فرنسية مشتقة من كلمة لاتينية “terrere” أي “التخويف”، واستعملت الكلمة لوصف الأساليب التي استخدمتها المجموعة السياسية الفرنسية” Jacobin Club” بعد الثورة الفرنسية خلال الفترة التي عرفت باسم “Reign of Terror”. وكانت هذه الأساليب تشمل إسكات واعتقال المعارضين لهذه المجموعة السياسية التي كان لها دور بارز في الثورة الفرنسية.

و في بدايات القرن العشرين كانت كلمة الإرهابي تستخدم بصورة عامة لوصف الأشخاص أو الجهات الذين لايلتزمون قوانين الحرب عند نشوب صراع معين، مثل تجنب الاستهداف المتعمد لأهداف مدنية أو أشخاص مدنيين ورعاية الأسرى والمعتقلين والعناية بالجرحى. وكان التعبير يستخدم أيضًا لوصف السياسيين الذين يجبرون الشعوب بالقوة على اخضاعها لهم لتقبل سياستهم .

ولعل الإرهاب يعد من أخطر التحديات التي تواجهها المجتمعات في عصرنا. وفي ظل تعقيدات الأزمات وتشابك المصالح، لا تبدو دولة أو ساحة بمنأى كامل عن مخاطر الأعمال الإرهابية وتداعياتها، وإن تفاوتت المخاطر بين بلد وآخر ومرحلة وأخرى.

فَفرض ثقافة الخوف والرعب عن عمد في نفوس الاخرين تحجب العقل عن التفكير وتزيد من حدة وتوتر المشاعر مما تجعل من الاسهل تعبئة الجمهور نحو أهداف الارهابيين والرضا القصري بالسياسات التي يرغبون تمريرها.

وأحد وأهم أسباب ونواتج الإرهاب هو الفساد، فحيث ينتهي الإرهاب يبدأ الفساد الذي يجسد انحراف النفس الانسانية عن مسارها القويم وتدمير وتلويث نزاهة الاداء والسلوك والتفكير فتتغير الطبيعة البشرية من تكوينها المثالي والواقعي الانساني الى حالة متدنية مشينة تنحدر بالانسان الى المستوى الأسوء .

ومنذ أن انتزعت السلطة من العراق في ٢٠٠٣ بقوة عسكرية لوجستية أمريكية مورست أقصى أساليب الارهاب والترهيب والترويع والتخويف في قتل العراقيين وتدمير البنى التحتية وتهجير العوائل واعتقال الشباب وتهميش فئات من المجتمع العراقي وسلب الحقوق المشروعة في التصدي للاحتلال وفرض سلطة القوة والسلاح اتجاه من يعارض المحتل ومن جاء معه لحكم العراق .

فبدأت مرحلة من أعقد وأصعب المراحل التي مر بها العراق بتاريخه القديم والمعاصر حيث تزاوج الارهاب مع الفساد لتمرير مخططات الحكومات التي توالت على العراق بأمر المحتل فاعتمدت اساليب الترهيب والقتل للتغطية على مشاريع الفساد التي انتهجتها الحكومات في سرقة الثروات وتزوير الوثائق والمستندات واستملاك المؤسسات باسم الكتل والشخصيات والاحزاب وترويع السكان بالتهجير والنزوح من مناطقهم لاحتلالها من قبل مليشيات الغرباء وبغية إضعاف قوة اللحمة العراقية وزرع ثقافة البغض والحقد بين المذاهب والطوائف والاديان. وصناعة الأزمات والصراعات وتغذية كل الأساليب التي تمول الارهاب وتشجع الفساد .

فتنامى الفساد الى أن أصبح حوتاً شرساً ووحشاً قاتلاً تتقاذفه السلطات الحكومية والقضائية وهيئة النزاهة وكل منهم يرمي الكرة الى ملعب الآخر في الإدانة والتبجح بمحاربة الفساد.

فانتقل العراق من مركز الحضارة والثقافة الراقية الانسانية الى رمز ومنبع للارهاب والفساد وتعودت الحكومات والأحزاب الحاكمة والمساندة لها على بث ثقافة التخويف والترهيب والترويع واشغال الشعب بالتناحر الطائفي والديني والقومي سعياً منها لافساد النفوس الوضيعة والضعيفة ولتجعل من عقل الانسان العراقي يترنح بين قبول حياة الذل والفقر والجوع وانعدام أبسط متطلبات الحياة أو الخضوع بالقوة لارادتها ومواجهة شبح الموت والجوع والتشرد كل ذلك لتمرير مشاريعها ومخططاتها المشبوهة للتحكم بمصير العراق وشعبه .

فالعراق الذي دمرته أمريكا عسكرياً، تستكمل تدميره اقتصادياً ونفسياً الحكومات والأحزاب العراقية التي فاقت مجموع أحزاب دول العالم  والمختبئة خلف ستار الدين والطائفة والقومية والتي تدعي الوطنية ولكنها تكذب وتخون وتزور للظفر بالكعكة وممارسة اللصوصية ونهب أموال العراق وإفراغ ميزانيته في مشروعات العمران والبناء والنهضة التنموية للبنى التحتية ولكن على الورق فقط أي مشاريع وهمية وليس لتحسين أحوال الشعب، وازدهار  وتطوير الدولة.

فاصبح الفساد المالي والإداري والأخلاقي ينخر الطبقة الحاكمة المتربصة بالبلاد والعباد دماراً وسرقات وفوضى.

مما جعل العراق يحتل مرتبة متميزة، بين الدول العشر، الأكثر فساداً بالعالم.

مما تجلت هذه المعادلة والعلاقة الترابطية بين الارهاب والفساد الحكومي وبأقصى أساليب الابتذال في تصاعد الاحتجاجات الشعبية الشاملة لمعظم مدن العراق لازاحة طاقم الإرهاب والفساد الحكومي؛ بسبب عجز هذا الطاقم من اتخاذ أي إجراء فعلي صارم ضد الإرهاب والفساد بل أفصح عن تذمره وقلقه المزيف على واقع العراق ومظالم شعبه وكانه خارج نطاق العراق ومعاناة الشعب  .

مما أثبت أن هذه الحكومات المتعاقبة لا تصلح إلا للترهيب والتهديد والفساد والفوضى، وإفقار وإهلاك الشعب؛ لانهم دمروا كل شيء لينعموا بكل شيء .

التغيير قادم لا محالة.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …