بقلم : نوفل آل صياح الحمداني
الشرق اليوم- بعد أن حبست الكتل والأحزاب السياسية أنفاسها، ينتابها القلق والارباك والتحسب بانتظار تشكيل كابينة الكاظمي، التي لم يؤمن بنزاهتها كثير من المراقبين والنخب ومعظم أبناء الشعب مهما أو كيف ستكون، لأن؛ العملية السياسية برمتها بنيت على محاصصة حزبية وكتلوية بامتياز فهي كابينة مصالح وترضية أحزاب وجهات إقليمية وتقسيم مناصب وثروات.
وإن الحكومة الجديدة ستكون حكومة كتل سياسية أكثر منها حكومة الكاظمي كسابقاتها .
فمنذ اللحظة الأولى لاختيار الكاظمي صممت الأحزاب والكتل السياسية على إخضاعه لشروطها، وأن ثمن موافقتها عليه أن يقبل بما يملى عليه من شروط، لهذا اتضحت النوايا وراء هذا الاختيار التي انسحبت الى التشكلية الوزارية البعيدة عن مطالب الشعب وآمالهم وتطلعاتهم .
هذه المطالب والمظالم التي كانت وراء اشتعال فتيل الاحتجاجات والتظاهرات في معظم محافظات العراق وتمركزت في شعلة ثوار انتفاضة اكتوبر ٢٠١٩ التي جسدت عمق المعاناة والظلم في تصميم المنتفضين على تغيير الحكومة ونظامها السياسي المحصصاتي الفاسد وضحوا بأرواحهم ودمائهم كعهد للوفاء على تحقيق أهدافهم وتحرير الوطن بالكامل .
ولكن من عجب العجاب هناك فئات من الشعب التزم الحياد وجانب الصمت كالأموات في المقابر وأخذ يراقب عن كثب وينتظر ما ستؤول إليه الأمور .
في الوقت الذي ينازع فيه الوطن أشرس معركة أخلاقية من أجل استعادة وجوده وهيبته وسيادته والتحرر من قيود المحتلين والطامعين .
وبعد طول انتظار وصبر وتوقعات وتأملات عن ماهية الكابينة الوزارية التي سيشكلها الكاظمي خلف الستار وبحسب ارادة الكتل والاحزاب، وبعيداً عن مطالب الشارع العراقي وإذا بالجبل يتمخض فيلدُ فأراً .
ويرى الكاظمي أن قراره وتصميمه في التعجيل بتشكيل كابينته تُعد كنقطة قوة واسناد ودعم له أمام المفاوض الأمريكي الشرس المراوغ الذي أسقط دولة بأكملها ليس بحجة إزاحة نظام بعثي فقط بل لتمزيق أوصال دولة يمتد تاريخها الى أكثر من ٣٠٠٠ آلف من السنين ونشر الفوضى والرعب والدمار والقتل فيها باسم الديمقراطية وتمهيداً لاضعاف وجودها الوطني والعربي والدولي وزرع قواعده العسكرية فيها لمد نفوذه على المنطقة المحيطة برمتها.
إن المفاوضات المنتظرة التي صورت الكاظمي وهو يترقبها بقلق ويدندن مع نفسه بأنه سيجابه الوفد الأمريكي المفاوض بكل ما يملك من قوة وامكانات متوهماً أنه سيجعل أمريكا تندم على ما فعلته بالعراق والشعب العراقي .
واذا به يصمت برهة ثم ينطق أمام المفاوض الأمريكي بما تمليه عليه مصالحه الخاصة بكل خضوع وتذلل وهو يقول أنا رهن إشارتكم ماذا تريدون سأنفذ لكم مطالبكم وما ترغبون فقط أبقوني في المنصب .
فأنا الفتى المطيع ذوا الأخلاق اجتمعوا علي أعتى الأحزاب فسادا واختاروني لأمثلهم
وها أنا ذا
وهنا وقف الأمريكان بين مستغرب ومتعجب مستهزئين بهذا الفتى الفارغ الذي ضل واضل ونسى من هو ومن نحن وأننا بلمسة واحدة سنزيحه.
ونجعله يلحق بفلويد.