بقلم: نوفل آل صياح الحمداني
الشرق اليوم- عندما نفكر برسم صورة للمفاوضات الأمريكية العراقية المزمع إجرائها في العاشر من حزيران الجاري، يتبادر إلى أذهاننا هناك توازن قوى في هذه المفاوضات، وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قد أعلن أن واشنطن وبغداد، ستعقدان منتصف يونيو «حواراً استراتيجياً»، للقضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية؛ لاتخاذ قرار حول مستقبل وجود القوات الأمريكية في العراق، الذي يرفضه بعض الكتل في البرلمان العراقي.
من جهته ذكر المتحدث باسم الحكومة العراقية أن المفاوضات ستناقش جميع أشكال العلاقة بين البلدين في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية، المثبتة ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين.
وأوضح الناطق العسكري العراقي، أن بلاه تريد علاقة طبيعية وعلاقة صداقة مع الولايات المتحدة.
ولكن الوجه الحقيقي لهذه المفاوضات غير ذلك فلنسأل أولا من سيمثل العراق في التفاوض مع الجانب الأمريكي؟ وما مدى امتلاكه القدرة والحنكة ومقومات الدبلوماسية الناجحة في التفاوض ووضع النقاط على الحروف امام المفاوض الأمريكي؟
فبداية اللا توازن كانت في التصريحات حول الغاية من المفاوضات فأمريكا ستناقش استراتيجية تواجدها العسكري في العراق والذي سبق وصمم على رفض هذا التواجد نسبة من اعضاء البرلمان العراقي والذي يقترح ان تكون المفاوضات تحت قبة البرلمان لأهداف وغايات تتعلق بمستقبل العلاقة بين ايران وامريكا اذ ان معظم اعضاء البرلمان وكأنما غير معنيين بالأمر لابل لا يفقهوا شيء مما يدار وما سيكون عليه مستقبل العراق!
والبعض منهم يحاول نقل صورة شاملة عن مجريات المفاوضات ونتائجها الى محاورهم الولائية او انتماءهم المشبوهة بشكل مباشر اضافة ان العراق لا يمتلك من الامكانات التحضيرية فكرياً وبشرياً الا الشيء الضئيل إذ إن تشكيل حكومته حديثة وكابيتنه الوزارية ناقصة وخاوية والاستعداد لهذه المفاوضات هش ومفبرك وأمريكا هي الجوكر الذي بيده زمام الامور ونفوذها في العراق منذ 2003 وبيدها مقود التفاوض بينما الجانب العراقي المتمثل برئيس حكومته الكاظمي الحديث العهد وتحاط به ضغوطات الاحزاب وصراعها على تكملة الكابينة الوزارية وتسارعه اللا مدروس في تشكيل وتقسيم اللجان المالية والسياسية والامنية اضافة الى تدخلات ايران المستمرة في دعم المليشيات وعدم التخلي عن دورها بحجة التصدي لداعش ومطالبة البرلمان بالضغط على الجانب الامريكي بمغادرة قواته العسكرية العراق لكي تخلو الاجواء للتسلط الايراني الاوسع ومن جانب آخر التظاهرات العارمة واستمرار اساليب القمع الاجرامية للمتظاهرين في بغداد والمحافظات والان في بابل التي اكتسحتها قوات الشغب محاولة قمع التظاهرات والتي اودت بحياة عدد من المتظاهرين فاين هي عهود رئيس وزراء (حكومة القشور )الفارغة التي قطعها للمتظاهرين بانه سيكون الى جانبهم اضافة الى الازمات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والصحية التي اصبحت الحكومة والبرلمان عاجزة عن مواجهتها داخلياً وغير قادرة على اتخاذ قرارات صائبة لتصحيح المسار وانقاذ الشعب من هذه الازمات.
ولازالت القوى الاقليمية والدولية تعبث بالعراق ومصير ومستقبل شعبه، فكيف ستكون صورة هذه المفاوضات في ظل هكذا حكومة هشة مربكة تتجاذبها الصراعات السياسية والدينية والامنية وتابعة لا تمتلك ادنى امكانية في اتخاذ القرارات المستقلة للتغيير والنهوض وهل سيتحمل الجميع نتائج هذه المفاوضات الكارثية بالنسبة للعراق ومصيره ومستقبله؟
فمن يتوقع ان هذه المفاوضات ستحرر العراق وتسترجع سيادته واستقلاله وتخرجه من عمق الازمات وتضع حداً للتدخلات الاقليمية وتدعم اعادة الاعمار للمدن العراقية فهو قمة في الوهم.
فالممثل عن الجانب الامريكي قالها واضحة ان الغرض من المفاوضات بحث الوجود العسكري الاستراتيجي لأمريكا في العراق أي شرعنة وجود القوات الامريكية التدميرية وليس التدريبية في العراق .
وليبقى المتأملون خيراً من هذه المفاوضات يحدثون انفسهم إلى حد الجنون والانهيار فالعراق لا يحرره إلا أبناءه الوطنيين من خلال مفاوضات العقول النيرة والقلوب الصافية والضمائر الحية الواعية والانطلاقة بدأت من الاول من أكتوبر2019 وستنتهي بعون الله بالتحرير الكامل والشامل للعراق ارضا وشعبا وثروات.