بقلم: نوفل آل صياح الحمداني
الشرق اليوم- المرتب هو ما يحصل عليه الموظفون، ما يصرف له شهرياً في الغالب، مقابل قيمة الوظيفة التي يؤديها والواجبات التي يكلف بها ضمن مجال عمله، واستهلاك سنوات عمره من أجل ان يعيش كآدمي ويشبع احتياجاته الاساسية في الحياة ويشعر بقيمته الاجتماعية وتحقيق ذاته، هذا من الناحية الذاتية، ومن الناحية الانتاجية فإن الراتب الذي يمنح للموظف يساهم في رفع الانتاجية وتحسينها والرضى عن العمل فهو سلاح ذو حدين، إذا تم توزيعه بعدالة وإنسانية .
فالرواتب ذات أهمية بالغة بالنسبة للفرد والدولة فهي تؤمن للفرد الحياة التي يستطيع بها أن يكون مرتاح وسعيد لانها الوسيلة لاشباع الاحتياجات المختلفة للفرد سواء كانت الاساسية لمعيشته وبقائه، أو لشعوره بالأمان والاندماج في العلاقات الاجتماعية، أو باعتبارها الوسيلة المناسبة للشعور بالتقدير من قبل الدولة التي يعمل ضمن مؤسساتها، أو كوسيلة يقيس بها تقديره واحترامه لذاته.
أما بالنسبة للدولة ولكي تشيع مبدأ العدالة بين أفراد المجتمع ومدى مصداقيتها جماهيريتها والتصاقها بالشعب وانسانيتها في تلبية متطلباته الحياتية والانسانية، وهو وسيلة لكسب وتحفيز أصحاب المهارات والكفاءات والابقاء على عطائهم بمستوى نوعى وكمي مناسب لمتطلبات المجتمع.
ولكن عندما تتعرض الدول والمجتمعات الى أزمات مالية جراء متغيرات سياسية واقتصادية فلا يجب ان تكون سببا مباشراً للمساس برواتب الموظفين والعاملين مهما تكن المبررات والحجج لما له من آثار خطيرة على حياة الافراد وانتهاك لحقوقهم المدنية في القوانين والشرائع السماوية والارضية إذ لا يجوز المساومة على أرزاق المواطنين واستخدامها كورقة ضغط لمواجهة أي أزمة مالية داخلية كانت أو خارجية.
وإن تم ذلك فهذا يعني إخفاق الدولة في التخطيط المسبق للكوارث والازمات وعدم تهيأة التمويل الاحتياط لسد الثغرات التي تصيب ميزانيتها، أو تؤثر على مخزونها المالي، إضافة الى الترهل الحكومي والاستهلاك الحكومي، غير المبرر، واللاعدالة في توزيع الثروات، إضافة الى التخصيصات غير المدروسة لمشاريع غير ذات جدوى اقتصادية او نهضوية.
ومعادلة قطع الرواتب المعقدة طرفها الأول سياسي؛ يظهر ويؤثر بشكل كبير بفعل القوى السياسية المهيمنة على القرار السياسي في الدولة، والطرف الثاني اقتصادي؛ يتعلق بصادرات وواردات الدولة.
كما في العراق الذي تأثر اقتصاده بتراجع أسعار النفط ومواجهته للازمة الصحية كباقي دول العالم حيث انتشار فيروس كورونا والتخصيصات للمستلزمات الطبية الوقائية .
ومع ذلك لا بد أن يكون هناك بدائل وإجراءات حكومية لتعويض النقص المالي في الميزانية وسد الثغرات المالية، والابتعاد عن المساس برواتب العراقيين، الذين يعيشون اقسى ظروف الحياة تحت وطأة المظالم التي أصابتهم منذ اكثر من ١٦ عاما.
فلا بد من التصرف وفق التفكير الحكيم وتحقيق العدالة والمساواة الاجتماعية لكافة شراىح المجتمع العراقي لكي تعم الحياة الآمنة في العراق …