BY: Shahid Hussain – The Diplomat
الشرق اليوم- في القرن السادس عشر، كتب الإمبراطور المغولي، همايون، الذي كان يحكم جزءاً واسعاً من شبه القارة رسالة إلى السلطان العثماني، سليمان القانوني، حيث أشاد بإنجازاته العسكرية والأدبية والدينية، إذ طوّر همايون أيضاً روابط وثيقة مع الإمبراطورية الصفوية، وهي سلالة إيرانية حكمت الأراضي الممتدة من جورجيا إلى البحر العربي، لذا من المفاجئ بعض الشيء أن تنشأ علاقة دبلوماسية متينة بين خلفائهما في أذربيجان وباكستان.
خلال هذا الشهر، عبّر رئيس أذربيجان إلهام علييف، في مكالمة هاتفية مع نظيره الباكستاني، عن قلقه الشديد من انتهاكات الهند لحقوق الإنسان في كشمير، فأعلن أن “أذربيجان تعتبر باكستان صديقتها المقرّبة وستتابع دعمها” في جميع المنتديات. كان متوقعاً أن ترد باكستان بالمثل على تعليقات علييف، فألمحت إلى دعم إسلام أباد لباكو في خلافها القديم مع أرمينيا على “ناغورنو كاراباخ”، مقاطعة صغيرة في القوقاز شهدت صراعات متكررة بين الدولتين.
ناقش الزعيمان أيضاً وباء كورونا الجديد، وبعد فترة قصيرة زار سفير أذربيجان في باكستان، علي علي زاده، مركزاً طبياً في إسلام أباد. انتشرت صورة يظهر فيها علي زاده وهو يتبرع بأقنعة طبية وحزم غذائية ومعدات أخرى، قد تكون هذه المبادرة بسيطة، لكنّ رسالتها وتوقيتها ورمزية تصريحات علييف وتحركات علي زاده لها معنى واضح: تُعتبر أذربيجان من أقرب الحلفاء إلى باكستان من بين الدول السوفياتية السابقة، وترتكز هذه العلاقة الوثيقة على تجارب مشتركة ومنافع متبادلة.
تكشف تصريحات الرئيس علييف الأخيرة أن روابط ثنائية قوية تجمع بين باكستان وأذربيجان، لكن ما مصير هذه العلاقة في المرحلة المقبلة وهل يمكن تعميقها بدرجة إضافية؟ يستطيع البلدان أن يطوّرا علاقتهما في المجال العسكري تحديداً، ففي عام 2018، ناقش أعضاء من القوات المسلحة الباكستانية مسألة التعاون العسكري والدفاعي، وبلغ ذلك النقاش ذروته في باكو حيث عبّروا عن اهتمامهم بشراء الطائرة المقاتلة الباكستانية الجديدة “ثاندر جي إف-17”.
تتابع تركيا، وهي حليفة أخرى لباكستان في أوراسيا، التعبير عن دعمها لإسلام أباد، فقبل انتشار فيروس كورونا، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن عدم وجود أي اختلاف بين الصراعات في حرب الاستقلال التركية والوضع المعاصر في كشمير. تركيا حليفة مهمة لباكستان ومن المتوقع أن تؤدي العلاقات بين إسلام أباد وباكو، حليفة أنقرة القديمة، إلى تقوية المحور القائم بين باكستان وتركيا وأذربيجان.
لكن رغم الأهداف المشتركة والكلمات الودية وعبارات “الحب الأخوي”، من الواضح أن البلدين يواجهان عوائق متعددة، ففي الفترة الأخيرة، عبّرت شركات أذربيجانية عن رغبتها في توسيع روابطها الاقتصادية مع الهند، فأعلنت أن المناطق الصناعية في أذربيجان قد تتعاون عن قرب مع الشركات الهندية لمساعدة نيودلهي على توسيع نفوذها الاقتصادي في قطاعات الزراعة والصيدلة وصناعة الجلود. ورغم جميع التصريحات المتبادلة عن المصالح المشتركة، ثقافياً وجيوسياسياً، ما من رحلات مباشرة بين باكستان وأذربيجان.
يُقال إن المال يتكلم، ولا شك أن المزايا الاقتصادية التي تقدمها الهند، خامس أكبر اقتصاد في العالم، تبقى مهمة لأذربيجان. في عام 2018، بلغت قيمة التجارة بين باكو ونيودلهي نحو 922 مليون دولار، في المقابل، تقتصر التجارة مع باكستان على 10 ملايين دولار، ومن المستبعد أن يتغير هذا الفارق في أي وقت قريب. كذلك، تطرح التجارة الثنائية بين أذربيجان وباكستان أسئلة أخرى عن قوة العلاقة الراهنة، لكن نظراً إلى الدعم المتبادل بين البلدين في النزاعات على الأراضي والرؤية الجيوسياسية المشتركة بينهما واحتمال تطوير العلاقات الثنائية التي تجمعهما، ستبقى أذربيجان من أقدم حلفاء باكستان من بين الدول السوفياتية السابقة.