بقلم: د. جواد الهنداوي
الشرق اليوم- تتمة لما كتبناه في الأمس عن القرار الذي اصدرته ألمانيا واصفة فيه حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، ندوّن أدناه ما لدينا من معلومات ورأي عن الموقف المتوقّع للاتحاد الأوروبي وكذلك موقف بعض الدول الأوروبية، المعنية اكثر من غيرها، بالساحة اللبنانية وبالشرق الأوسط، وخاصة فرنسا وإيطاليا.
أستدارت المانيا عن حزب الله وكان بينهما وصالٌ محدود ولكن بالعلن ، وثقة متبادلة في وعود و عهود الوساطة في تبادل الاسرى بين اسرائيل من جهة ،والحزب من جهة أخرى . ليس لالمانيا ايّة مصلحة سياسية في القرار ، لا ، بلْ لقي القرار استغراب و استهجان بعض السياسيين الألمان و كذلك الشعب الألماني ، ويمسُ القرار مكانة و هيبة ألمانيا ، و لاسيما يأتي في وقت تتفاوض فيه امريكا مع حركة طالبان الافغانيّة التي أمعنت في قتل الجنود الامريكيين ، و تمارس ، وفقاً لسياسيين و مختصين امريكيين ، عمليات ارهابية في أفغانستان . معيار الفرق و التمييز بين حركة طالبان و حزب الله ، عند امريكا و الغرب ، هو ان حركة طالبان تقتل جنود امريكيين و لكنها لا تقتل اسرائليين و لا تقاوم ضد الاحتلال الاسرائيلي !
أصدرت المانيا قرارها و لبنان يمّرُ في ظروف غير اعتيادية و حرجة ، و بقيادة حكومة اصلاحية ، اقدمت على خطوات جادة في محاربة الفساد ، و يصفوها اغلب ألمحلليين السياسيين بانها ” حكومة حزب الله ” ، و تحظى هذه الحكومة بتأييد و دعم سياسي من فرنسا ، و وعود فرنسية بدعم مادي و من خلال البنك الدولي .
قرار المانيا ،الخجول في حجّته تجاه حزب الله حيث اتخذ شعار الحزب و ليس اعمال الحزب مُسبّباً للقرار ، وموقف فرنسا الداعم سياسياً و مادياً لحكومة لبنانية ،تُوصفْ بانها حكومة حزب الله او قريبة منه ،هما حالتان تسترعيان توقفنا و أستفهامنا ؟
هل هنالك تشاور مُسبق بين الحكومتيّن او بين أجهزتهما المعنية حول الموضوع ؟ ، لاسيما و أنَّ المانيا و فرنسا هما نواة الاتحاد الاوربي اقتصادياً و سياسياً .
لا نستبعد مطلقاً ذلك ، وقد سبقَ القرار الألماني تجاه حزب الله ، و الموقف الرسمي الفرنسي المؤيد و بحرارة لحكومة لبنان ،تفاهم أمريكي فرنسي ( بين الرئيسيّن) بتولي فرنسا متابعة و رعاية حصرية للملف اللبناني . لماذا هذه الرعاية الحصرية الفرنسية للملف اللبناني الآن ؟
يكاد ان يكون لبنان ضمن حسابات الامن القومي الفرنسي ، وهي ( واقصد فرنسا ) و لاعتبارات عديدة تأريخية و سياسية و اجتماعية وثقافية أولى بالرعاية والاهتمام والمتابعة للشأن اللبناني من باقي دول العالم .
وما هو جديد و دافع لفرنسا اليوم من أنْ تؤثّر ايجاباً في الساحة اللبنانية الداخلية والخارجية هو العلاقة الإيجابية بين السيد ميشيل عون ،رئيس الجمهورية اللبنانية و فرنسا من جهة ، وبينه (اقصد رئيس الجمهورية ) و حزب الله من جهة أخرى ، ومثل هذه الحالة ، انسجام وتعاون وثقة بين حزب الله والحكومة و رئاسة الجمهورية ،حسب علمي ،لم تحصلْ من قبل .
أمرٌ يسّهل على فرنسا إسماع رسالتها الى الجميع ،و بضمنهم ،حزب الله الذي يثق بالرئيس عون من إيصال اية رسالة و بأمانة .
لن نتوقع تداعيات سلبية لقرار المانيا ،لا على مستوى الاتحاد الاوربي و لا على مستوى الدول الأوربية . ليس لالمانيا النيّة و الإمكانية على تحريض بعض الدول الأوربية للسير على خطاها تجاه حزب الله ، وهذا ما يفسّرُ الاحادية الألمانية للقرار وليس الصفة الأوربية للقرار .