بقلم: سليم الحسني
الشرق اليوم- تحدثتُ في مقالات سابقة عن دور محمد الحلبوسي، وعن هيمنته على رئيس السلطة القضائية فائق زيدان، حتى صار رئيس السلطتين التشريعة والقضائية.
بعض الوثائق ستقرّب الصورة للمواطن حول التلاعب الذي يقوم به محمد الحلبوسي وفائق زيدان وأمثالهما بثرواته ومقدراته. والوسيلة المستخدمة هي سلطة القانون، وقوة المنصب، وقمع من نوع خاص يجيد هؤلاء استخدامه.
في هذا المقال سأكتفي بعرض قضية واحدة استغرقتْ ما يقرب من عشر سنوات، لم يحسمها القضاء العراقي، حتى تدخل رئيس البرلمان فانتهت بسرعة لصالح الطرف المُدان، وأقصد (شركة زين للاتصالات).
كانت شركة زين قد خالفت الضوابط القانونية المعمول بها، وباعت (خمسة ملايين) رقم هاتف خلافاً للاتفاقات والضوابط والقانون، وعندما اكتشفتْ هيئة الإعلام والاتصالات هذه المخالفة، اتخذت الإجراءات الرسمية، وطالبتْ بغرامة مالية مقدارها (مئة مليون) دولار يجب على شركة زين دفعها للدولة.
بقيت القضية معلّقة، فالشركة تبحث عن مسؤولين وقضاة يمكنهم سحق القانون، وهيئة الإعلام الاتصالات كانت ملتزمة بالضوابط وتطالب بالغرامة. واستمر الحال لما يقرب من عشر سنوات، فشلت فيها كل محاولات المسؤولين في شركة زين.
وجدتْ الشركة في رئيس البرلمان كفاءة عالية في عقد الصفقات الفاسدة، ونفوذ غير محدود على السلطة القضائية، فكان مفتاحها للأبواب المغلقة.
عقد القضاة الكبار اجتماعهم، وقرروا إلغاء الغرامة المفروضة على شركة زين. وقع فائق زيدان القرار وانتهى الأمر.
قامت محكمة فائق زيدان بتوظيف مادة خارجة عن اختصاص القضية لإنقاذ الشركة، في عملية تزوير وتحريف صارخة. لقد استخدم القضاء مادة من الدستور تمنع فرض (الضرائب والرسوم). لكن أصل القضية هي غرامة يجب على شركة زين أن تدفعها لمخالفتها الشروط والضوابط والاتفاقات، والغرامة ليست ضريبة ولا رسماً مالياً. كما أن قرار هيئة الاعلام حصل على مصادقة مجلس الطعن، وبذلك صار قطعياً. (أضع في نهاية المقال الوثيقة بصفحاتها الثلاث).
انتهت القضية بضياع (مئة مليون) دولار من أموال الشعب، كانت هدية رئيس القضاء ورئيس البرلمان الى شركة زين. كم كانت حصة الرجلين من هذا التفريط بحقوق المواطن العراقي؟
ما أرخص سعرك أيها المواطن، وما أبخس حقك عند هؤلاء.
من المرجح جداً أن تبدأ عملية تحقيق سرية للوصول الى الشخص الذي سرّب هذه الوثيقة. ومن المرجح أيضاً أن يتحرك القضاء ليثأر لفضيحته المكشوفة. ومثلما تلاعب في تحريف القانون هنا، فانه سيحرّف القانون ويستعير مادة من مكان آخر أو يقرأها كما يريد في عملية الانتقام.
سيكون موقفاً غبياً عندما نستغرب مما سيقوم به الحلبوسي وزيدان. لكن هناك مجالاً من الاستغراب يحق لنا أن نكرّم به قادة الكتل السياسية، فنقول:
ـ مَنْ من قادة الكتل الشيعية والسنية والكردية سيتحرك؟
الوسومالحلبوسي العراق مقال رأي
شاهد أيضاً
صندوق النقد الدولي: تقدم كبير في مراجعة قرض مصر بقيمة 8 مليارات دولار
الشرق اليوم– اختتم صندوق النقد الدولي، اليوم الأربعاء، زيارة بعثته إلى مصر معلنًا تحقيق تقدم …