الرئيسية / الرئيسية / أزمة النفط: انخفاض أسعار الخام أم انخفاض أسعار العقود؟

أزمة النفط: انخفاض أسعار الخام أم انخفاض أسعار العقود؟

بقلم: طلال الحريري

الشرق اليوم- شكلت حادثة انخفاض أسعار النفط الأمريكي موجة كبيرة من المواقف الاقتصادية المغلوطة في حين أن الواقع مختلف تماما! أن ما حصل من انخفاض لأسعار النفط هو بالنتيجة يخص مواعيد طرح العقود وليس النفط كمادة خام أي ان هذا الإنخفاض هو انخفاض عقود وليس انخفاض خام (هذا التمييز غائب للأسف في معظم الرؤى التحليلية!) مع اقتراب نهاية العقد تطرح الشركات المنتجة عقود جديدة  وفقا لحالة للسوق ومستويات العرض والطلب وهذه الحالة طبيعية جدا لكن الإغلاق التام للمنشآت الصناعية في الدول المستوردة للنفط بسبب ازمة الوباء العالمي، ساعد على ارتفاع حِدتها مما تسبب بإلغاء وتأخير طرح عقود جديدة في حين كان الموعد المقرر لطرح العقود الجديدة يوم الثلاثاء 21 أبريل (تجاوز المدة)، وبعد أن تعطل الطلب هبطت الأسعار للسالب بسبب التكاليف الثابتة غير المرتبطة بالإنتاج الفعلي مثل الاندثار والصيانة الدورية والحماية وتكاليف التامين والأجور. بالمحصلة هذا الهبوط مؤقت كما أوضحنا (بسبب تأجيل وإلغاء الإكتتاب)، وعليه تراجعت الأسعار لهذا المستوى لأن الدفع للمشتري (وهذا ما اوصل الأسعار الى السالب) أقل تأثيرا وتكلفة على الشركات بالمقارنة مع خسائر قرار توقف الإنتاج لأن توقيف الإنتاج يكلف خسائر باهضة عندما تريد الشركة استعادة الإنتاج مرة اخرى. ولتقريب الصورة أكثر فإن سعر سالب ( 9 أو 30) هو سعر صفر برميل النفط في حال توقف الإنتاج بالإضافة إلى الكلف الإنتاجية غير المرتبطة بالإنتاج الفعلي كما اشرنا (تكاليف الاندثار والصيانة والحماية والأجور..الخ) وبالتالي هي حالة عابرة محددة بموعد الإكتتاب وخارج أطر الربح والخسارة الثابتة.

هل تسبب الإنخفاص بخسائر للإقتصاد الأمريكي؟

بالتأكيد لم يتسبب ذلك في خسائر ولم تشهد أمريكا أثار خسائر اقتصادية كتسريح العمال والموظفين وتوسع العجز وانخفاض النمو الاقتصادي وغيرها من الآثار التي تُقاس من خلالها مستويات الخسائر. الركيزة الأساسية في هذه الرؤية تعتمد على قياس حجم الناتج النفطي في الاقتصاد الأمريكي والذي لا يُقارن بحجم الناتج الصناعي والتقني ومختلف القطاعات الأخرى، أما الأهم من ذلك ليس تحقيق مشروع السيادة على الطاقة فقط بل بطبيعة التحول والتجديد في الاقتصاد الأمريكي الرأسمالي أي ان أكبر اقتصاد رأس مالي ينمو بالإندثار والتوسع والتجديد (افلاس شركة يقابله نجاح شركة أخرى)، ولا بد من احتساب الميل الطبيعي لكل الأزمات الأقتصادية الدولية وخاصة في أمريكا (اختفاء الشركات الصغيرة والمتوسطة ونمو وتوسع الشركات الكبرى) وفقاً لرؤية الفرص وطموح التحول التقني في اقتصاد المستقبل. وعلى سبيل المثال شركة أمازون العملاقة لم تتأثر كثيرا بأزمة الوباء واستطاعة تغطية الطلب رقمياً بينما توقفت شركات كبرى في الصين واوروبا، والمثل ينطبق على رؤية أكبر الشركات الرأسمالية الأمريكية التي تعمل بإستمرار على التحول الى شركات رقمية تغطي الطلب العالمي بالمساحة والوصول للمستهلك! بالإضافة الى ذلك موارد مثل الطلب على الصناعة المحلية وقيمة الضرائب تستطيع احتواء تأثير التوقف السلبي للتصدير الخارجي في هكذا ظروف طارئة. كما أن كلف الاندثار والتامين هي كلف رأسمالية تُحسب ضمن القدرة المالية للشركات (أموال التأمين تعود للمستثمر والأجور تُسترجع من خلال الضريبة) وكل ذلك يُصنف ككلف تقديرية وليست نقدية. وفي الختام لا يوجد في الاقتصاد الليبرالي الحر (الرأسمالي) خسارة في الإنتاج بهذا المقياس العاجز لأن الإنتاج والربح يعتمد على الفرص واستثمار تقلبات السوق واستيعاب العرض والطلب وكل الأزمات والتقلبات تعتبر فرص في الاقتصاد الرأسمالي على قاعدة النمو العكسي (الإندثار والخسارة لشركات محددة يقابلها توسع وربح لشركات اخرى).

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …