بقلم: جبار المشهداني
إلى السيد رئيس الجمهورية المحترم
إلى السيد رئيس البرلمان المحترم
إلى السيد رئيس مجلس القضاء المحترم
الشرق اليوم- ربما كان الدستور الذي هو رمز كينونة الدولة وميزانها الاعلى ، لا يشكل الأهمية الأولى في التعامل مع الاحداث والمعطيات السياسية التي تدور في الواقع العراقي وتصنع مفرداته وتتحكم بمصير شعبه، على الرغم من أنه أرفع القوانين وأهمها وأكثرها قداسة وثباتاً كما يقول الفقهاء القانونيون ، وإن أي استهانة أو تهاون أو تجاهل أو تلاعب فيه يمكن أن يعصف بحياة الشعب ومصير البلد ويؤذن بفوضى شاملة تقضم الدولة وتحيلها إلى خراب ، الخراب الذي عشناه ولمسناه ورأيناه لمرات عديدة منذ 2003 حتى الآن في ظل حكوماتكم التي بشّرتم أثناء (نضالكم) السياسي المعارض للنظام السابق بانها ستكون ربيع حرية ورفاهية وسيادة قانون، ووعدتم ( وأنا هنا لا أعني حضراتكم بصفتكم الشخصية بل أخاطب من خلالكم جميع أحزاب وتيارات ومنظمات وسياسي المعارضة التي طالما وعدت بقيام النظام الدستوري واحترامه، ساخرين من الدستور (المؤقت) للأنظمة السابقة ومؤكدين على ضرورة كتابة دستور دائم يحفظ حقوق وكرامة وكينونة البلاد والعباد.
وبمراجعة سريعة في ذاكرة السنين السبعة عشر الماضية لانرى قيمة هدرت ونصّا انتهك ولم يحترم قدر الدستور الدائم الذي اعتمدتموه وأن اردتم دليلا سأكتفي بتذكير فخامتكم ومعاليكم وسيادتكم بفقرة دستورية واحدة تمنع مزدوجي الجنسية من أشغال منصب سيادي أو مركز أمني رفيع ( ولن أزيد على ذلك ) وسأترك الذاكرة العراقية لتعيد استذكار الأسماء التي شغلت وتشغل مثل هذه المواقع التي ( حرمها ) الدستور .
لم تحترموا منه الا ما كفل مناصبكم ومصالحكم وحمايتكم حسب.
ولكن الامر بعد 25 اكتوبر يجب ان لايكون كما كان قبله ، لان الشعب دفع ضريبة دم باهظة من دماء ثمينة جدا من اجل الوطن وعلمه ودستوره.
اليس من واجبكم انتم الثلاثة مجتمعين ومنفردين ان تحموا دستور بلادنا وتحرصوا على سيادته ؟؟؟
خاصةً في التعامل مع اهم شؤون البلد واعني به اختيار رئيس الوزراء رئيس السلطة التنفيذية الذي بيد صلاحياته ادارة جميع شؤون البلاد والعباد ؟؟؟
منذ شهور ونحن بين رئيس وزراء مستقيل (يمنح نفسه غيابا طوعيا) ورئيس وزراء مكلف يعد ويدرس ويرسم رؤيته القادمة في حكم البلاد، ثم يفاتح ويفاوض ويتفق ويملأ شاشات الفضائيات مقابلات واجتماعات ، وعلى حين فجأة يسقط ويتبخّر ، ليأتي الذي بعده بالسيناريو ذاته.
لقد قلت في اكثر من مجلس وكتبت اكثر من مقال مؤكداً ان ايّاً من رؤساء الوزراء المكلّفين لن يمر ، وان القصة كلها مماطلة واستمهال وقت وتيئيس للجميع، كي نقول مستسلمين في آخر المطاف ( رجعونا على بنيان المرحوم) ، لان المرحوم مايزال حيّاً وفاعلاً ويدير الدولة السرية العميقة رافضا ان يموت !!!!
ولذلك اقول تأسيساً على هذه المعطيات المؤكدة ان السيد مصطفى الكاظمي لن يمر هو الآخر ، ليس اعتراضاً عليه او كراهة له بل ليقيني أن مروره يتقاطع مع ( مرتكزات الأمن القومي للجارة المتحكمة في القرار العراقي )
وسأستبق ماسيكون لاضع السؤال الاهم امام انظار سيادتكم يارؤساء البلد : هل ستحترمون الدستور وتحمونه من الانتهاك بعد ان يُعلن عن فشل الكاظمي ويسحب تكليفه أو بعدم نيله الثقة داخل مجلس النواب ؟؟؟؟
الدستور ينص على تكليف ثلاثة مرشحين فقط لرئاسة الوزراء بالتتابع ، ويمنح كلًّ منهم 30 يوما للتشكيل ، فاذا فشل الثلاثة وهذا ماحصل ، لم يبين الدستور ماهو الاجراء الواجب بعد ذلك !!!
هل تبقى الدولة بلا سلطة تنفيذية ، حائرة متخبطة بين تكليف وتكليف وتكليف الى ما لانهاية ؟؟؟؟
ام ان ذلك فراغاً يوجب على رئيس الجمهورية ان يتولى منصب رئيس الوزراء ثم يكلف مرشحا آخر للمنصب، ام يتوجب عليه ان يحل البرلمان والدعوة الى انتخابات مبكرة لحلّ معضلة تعنت الاحزاب وعجزها عن الاتفاق على تسمية رئيس وزراء وتشكيل حكومة ؟؟؟
لكنني اظن (واتمنى ان اكون مخطئ الظن) انكم ستقررون حلّاً آخر يرضي مراكز القوى ويأتي ب (عرّابٍ) الدولة العميقة على رغم انف و ارادة الشعب كي يدير البلاد من جديد ويعصف بمصيرها ارضاً وشعبا وثروةً مثلما فعل في السابق ؟؟؟؟
خاصة وان ورشة المحكمة الاتحادية الدستورية جاهزة لتفصيل قوانين على مقاسه في جميع الاوقات حتى يمرّ ، معللين ذلك بالقول المأثور : ان كلّ مرٍّ سيمر !!!! .
بقي ان اشير اخيرا انني على وعدي لكم بكتابة مقال قادم يتضمن اجابات الجهات ذات العلاقة والمسؤولية بحماية الدستور ، وسأكون أمينا أن شاء ألله في نقل تلك الإجابات موثقا لها احقاقاً للحق وشهادةً للتاريخ.