بقلم: جبار المشهداني
الشرق اليوم- منذ أيام وأنا بين مقدم ومحجم على أن اكتب لجنابك هذه الرسالة، تذكرةً وتبصرةً بما أظن أنني أراه من نافذتي الصغيرة أكثر وضوحا وموضوعية وحياداً ، في حين قد يبدو اكثر ضبابية وانحيازا وشخصنة من نوافذك العريضة الكثيرة التي ربما يشوبها كذب بعض المحيطين وتملق المتزلفين ويلطخها لعاب الطامعين ولهاث الطامحين.
وساراهن على حسك الاعلامي اكثر من حسك المخابراتي لاكتشاف حقيقة دوافع هذه الرسالة التي قد لاترضيك الآن ، ولكنك ستعود اليها كثيرا بعد حين كما اعتقد، حين تتبدل الصورة وينفض السمّار.
وسأبدؤك بما لايسرّك مع الاسف، وهو انني قلت وما ازال انك لن تتسنم المنصب ولن تمر في مجلس النواب لا انت ولا كابينتك. وذلك ليس تنجيماً ولا رجماً بالغيب ، بل قراءة واستقراءً دقيقاً للمشهد السياسي العراقي وادّعي انني احد الاعلاميين العاملين فيه من الذين اتيح لهم مشهدا قريباً جدا من الحدث وصانعيه منذ 2003 حتى الآن.
من هنا اعتقد ان تكليف جنابك الكريم بالمنصب ماهو الا دورة مفبركة اخرى مع دورتي محمد علاوي وعدنان الزرفي للتسويف والتيئيس وصولا الى الهدف الذي رسمه عرّابه القوي بدقة وهو السيد نوري المالكي لاستعادة الدفة التي سرقت منه على حين غرّة عام 2014 حين كلفوا حيدر العبادي تكليفا مدبرا بليل ومؤامرة حزبية داخلية.
لاعليك من هذا ، لانه مايزال بالنسبة للجميع ظنّاً وتخمينا في علم الغيب، وهو غيب قريب امده اسبوع واحد فقط ، فاذا كذّبت الوقائع رؤيتي وتحليلي واستقرائي ، ومررت بسلام انت وكابينتك فلك عليّ ان اظهر في الفضائيات لاعترف انني اخطأت التقدير وانني اعتذر لك ولقرائي وربما اعتزل العمل الاعلامي بسبب قلة كفاءتي وقصر نظري ، اما اذا صدقت رؤيتي ورفضوا تمريرك كما كتبت في مقالات سابقة عن عدم تمرير من سبقوك من المكلفين فستكون مدينا لي بعزيمة كباب معتبرة في مطعم شعبي باختياري انا وصديقاي فلاح الذهبي وعماد العبادي .
بعد كل هذه المقدمة الطويلة اقول انني لم اكتب هذه الرسالة من اجل مرورك او عدمه ، بل ان دافعي الرئيس هو افتراضي نجاحك ومرور كابينتك الوزارية ايضاً، والتي بدأت تتناثر الاحاديث هنا وهناك عن ماهية الحصص والاسماء المختارة فيها . ولأكن اكثر تحديدا بالحديث عن حصة المكون السني حسب ، ليس لانتمائي المذهبي اليه ولكن لكونه يقع في دائرة اهتمامي المهنية والبحثية ايضاً.
فالاخبار تتحدث منذ ايام عن تشكيل سياسي سني (جديد) يتكون من ٢١ نائبا يقودهم (زعماء تاريخيون) والقصد منه كالعادة هو الحصول على قطعة كبيرة من كعكة المناصب الوزارية الجديدة برئاستك.
ولانّ القلوب المجتمعة في هذا التشكيل الجديد ليست على هوى واحد، والنفوس متعددة الاطماع ، لذلك فانهم يمنون انفسهم بوزارتين او ربما ثلاثة من اصل الوزارت الست المخصصة كحصة للمكون السني، هذا من جهة، ولتضييق الطريق على السيد الحلبوسي كي لا ينفرد بالقرار والزعامة السنية من جهة اخرى ، بعد ان تضخم دوره وهيمنته في الفترة الاخيرة وهمّشهم جميعا . وربما ايضا لبعض الثارات الشخصية متمثلة بخيبة طلال الزوبعي في تسنم منصب رئاسة البرلمان حين توهم انه يتنافس عليه ، وخيبة خميس الخنجر في الحصول على وزارة التربية التي رجا منها استرجاع خساراته المالية في انتخابات 2018 وايجاد باب رزق ثان له بعد ان اغلقت في وجهه ابواب دعم دولتي الامارات العربية المتحدة وقطر، منذ اكتشافهما لسرقاته المبالغ المخصصة للمهجرين والنازحين والمرضى من ابناء المكون السني ، وهي بمئات ملايين الدولارات .
شخصيا بادرت بالاتصال ببعض القيادات السنية المعروفة لاستمزاج رأيهم حول هذا التجمع ، فجاءتني الاجوبة تباعا، تتراوح بين مصرّح وملمّح، وها انذا ادرج لك في ادناه بعضاً منها بكل امانة :
– قال الدكتور سليم الجبوري رئيس مجلس النواب السابق انه غير طامح بمنصب وزاري له او لحزبه ، ولكنه يشعر ان (البعض) يحاول الانفراد بالقرار السني، وان السيد الحلبوسي تحديدا مارس ومايزال تهميشا واضحا للقيادات السنية المعروفة وهو امر غير مقبول.
– اما السيد اثيل النجيفي محافظ نينوى الاسبق فقد تحدث عن امور ثلاثة يراها اساسية، وهي :
1- انهم كجبهة انقاذ وتنمية ينفون اشتراكهم في اي تحالف جديد، ويرون ان الوقت والظروف الموضوعية غير ملائمة لمثل هذا.
2- كما انهم بعيدون كل البعد عن البحث عن فرص ومناصب حكومية.
3- وانه ينصح السيد الكاظمي اذا كان يريد معالجة المشاكل الاساسية في العراق فعليه ان لايرضخ للكتل السياسية ومراكز القوى بل عليه ان يغضبها منه ، لانها السبب الرئيس بكل ما حصل في العراق.
– وفي النهاية اشار السيد النجيفي انهم لن يكونوا طرفا في الصراع الدائر بين السيد محمد الحلبوسي وخميس الخنجر . ( وبهذا اكون قد حسمت لك اسمين وجهتين من الفاعلين المهمين في المكون السني واللذين اكدا عدم رغبتيهما في الحصول على وزارة او منصب او حتى الخوض في هذا الاصطراع) وتأسيسا عليه فانا اقترح على جنابك منح خميس الخنجر (الكامن دائما بانتظار الفرائس والفرص) وزارتين اثنتين وليست واحدة فقط، لاسباب سياسية ووطنية ايضا!!!! فالخنجر كما تعلم يحظى بشعبية كبيرة جدا ومقبولية اكبر في الوسط السني بشقيه الشعبي والسياسي، لما عرف عنه من ( صدق تام) في (الوعود)؟التي يعطيها ، اذ لم يسبق له ان كذب ودلّس وخدع وراوغ قبل الآن ، كما لم يغيّر موقفه ابدا في اي اتفاق عقده مع اي طرف سياسي!!!
ولاشك انك كرئيس لجهاز المخابرات قد وصلتك تقارير (ملفّقة) عنه تقول: ان كل من تعامل مع الخنجر اقسم بالله العظيم وبالطلاق ثلاثاً وثلاثين مرة ان لايعود ويتحالف معه مرة اخرى حتى يلج الجمل في سم الخياط !!!
– لذلك اتمنى عليك ان لا تصدّق -ارجوك- الشائعات التي تقول انه كان جسر التمويل الى الدواعش وانه كان يسميهم فرسان العشائر الابطال بينما يسمي الجيش العراقي بجيش المالكي !!!!
لا تصدق ارجوك فهذا كله محض كذب وافتراء بحق الرجل، ولا ادري لماذا صدّق الامريكان هذه الوشايات والاكاذيب عنه فوضعوه على قائمة الارهاب وقائمة العقوبات الاقتصادية ايضاً !!!
– اما (الزعيم) الثاني في هذا المشروع او التحالف الوطني الجديد، فهو النائب الحالي طلال الزوبعي رئيس لجنة النزاهة العتيد النزيه للاعوام من 2014-2018 .
وهذا الآخر اتمنى عليك ان تمنحه وزارتين أخريين ، ولكن بعد ان تسأله عن سبب خلافه مع شريكه في القائمة الانتخابية لانتخابات 2018 ، وبماذا وصفه في اجتماع ضم مرشحي حزبه !!!
وان كان قد نسي فانا مستعد لانعاش ذاكرته حول الموضوع .
– ولو اردت توسّعا في الحديث معه للاطمئنان قبل منحه الوزارتين فاسأله عن سرّ ملفات النزاهة الخطيرة النائمة عنده منذ سنوات طويلة وهي ملفات فساد بمئات ملايين الدولارت !! وماالحكمة في احتفاظه بها وعدم تقديمها للقضاء حتى الآن؟؟؟
– ولايبقى الا ثالثة اثافي هذه الزعامات : محمد اقبال الصيدلي صاحب النظرية العملية الجديدة في علم الادارة وخلاصتها : سلّم الوزارة للسكرتيرة وارتاح من الصغيرة والكبيرة !!! ، والتي ثبت بالواقع العملي نجاحها الكبير حيث حققت الوزارة في عهده الميمون طفرات علمية وتربوية لامثيل لها جعلها في آخر قائمة التصنيف بجداول منظمة اليونسكو والحمد لله.
ولايفوتني ذكر الزعيم الأكثر شعبية صاحب أفضل إستقبال جماهيري في التاريخ السياسي العراقي د. صالح المطلك فيكفيك أن تبلغه أنك على معرفة تامة( بدويلته العميقة ) باسرارها ودهاليزها ، وعليه الاكتفاء بما تبقى لديه من المليار دولار التي خصصت للنازحين وبالمناصب التي استحوذ عليها( وكلاء ومدراء عامين في وزارات ومؤسسات الدولة المتنوعة) .
ومع كثرة الناصحين والمشيرين حولك هذه الايام ، فقد تصلك نصيحة من أحد زملائك ، تحديدا ممن يقود جهازا أمنيا مهما ، تقول أن هناك رغبة إيرانية في منح الخنجر حقيبة وزارية فالهدف واضح واظن انه لن يفوتك ، وهو توريطك بين امرين احلاهما مر شديد المرارة ، فإذا وافقت فستخسر الأمريكان واذا رفضت ستخسر إيران !!!!!!
رسالتي هذه إليك هي إستكمال لمقالات سابقة نشرتها تمحورت حول مستقبل العملية السياسية في العراق ويمكنك ان تقرأها على حسابي في الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي ، وهي بعض من مسؤوليتي امام شعبي ووطني وضميري ، وعساها ان تكون تذكرةً نافعة.
شاهد أيضاً
هدوء التوترات يخفض أسعار النفط في التعاملات المبكرة
الشرق اليوم– تراجعت أسعار النفط في التعاملات المبكرة يوم الثلاثاء، مواصلة خسائرها من الجلسة السابقة، …