بقلم: مازن صاحب
الشرق اليوم- في حوار ستراتيجي اعتادت عليه مراكز البحوث والدراسات الأمريكية ..عقد مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن قبل يومين جلسة حوار عن إعادة صياغة الاتفاق الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد .. مثل هذه الحوارات أنها ترسم سيناريوهات المستقبل وتصمم القناعة عند صناع السياسات العامة ومن ابرزهم الدكتور انتوني كروزدمان ..الخبير المتخصص بشؤون الشرق الأوسط وكان المستشار الأكاديمي للبنتاغون خلال غزو العراق عام 2003 .
ابرز ما ورد في هذا الحوار توصيف العراق بكونه ( شبح دولة) وهو يقترب من ما اكتبه عن وجود ( هيكل دولة) من دون نفاذ القانون واحتكار العنف ..ويصح القول اذا ما فقدت الدولة كلا الحالتين يمكن أن تتحول إلى مجرد شبح دولة هزيل بلا مسؤولية اخلاقية وهنا تكمن الإجابة على طروحات كروزدمان بأن نصائحه وغيره من واضعي السياسات العامة للادارة الأميركية انتهى بمنفذي تلك السياسات إلى ما هو عليه عراق اليوم .فالمسؤولية الاخلاقية تبدأ بدولة الاحتلال وتنتهي به .اما من جاءت بهم في مجلس الحكم العتيد ومن ثم في فرض نموذج الديمقراطية التوافقية التي تحولت بسبب المناكفات بين واشنطن وطهران إلى دولة مفاسد محاصصة وهي اليوم مجرد شبح دولة هزيل بلا قدرات حقيقية لانفاذ القانون واحتكار العنف.
ما الحلول الفضلى التي يتطلب من المفاوض العراقي التمسك بها في هذه المفاوضات الأمريكية العراقية المقرر لها ان تبدأ
بعد هدوء عاصفة جائحة كورونا باعادة تقييم اتفاق الاطار الاستراتيجي بين البلدان وهل سيجلس المفاوض العراقي على طاولة الحوار بهوية عراقية بامتياز تمثل المنفعة العامة للدولة ام ستكون هناك ثغرات لتوصيف المفاوض العراقي بأنه ثمة من يمسك بالدفة من المقعد الخلفي وانه مجرد وكيل أعمال للمصالح الايرانية .. ومثل هذا السؤال طرح في تصريحات وزير الخارجية الاميركي وأيضا في هذا الحوار الاستراتيجي .. لذلك اكرر القول الفصيح أن العراق لم يعمل لتحميل قوات الاحتلال جرائمها ..ولم تتوفر له حتى أبسط مقومات البناء الاقتصادي وعلى هذا الأساس هي دعوة لمراكز الأبحاث ومنصات النخب والكفاءات الأكاديمية والمثقفة لوضع مصفوفة مقترحات وفقا لما يلي :
أولا .تنفيذ مشروع اقتصادي يفترض أن يظهر حسن النيات الأمريكية تجاه العراق كله .يقابل الاتفاق العراقي الصيني وهو مشروع مطروح للنقاش الرسمي بين البلدان.
ثانيا.وضع حد للتعارض في المصالح بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية بموقف رسمي أميركي يعيد للاذهان أن الفيدرالية حالة ادارية وليست حقا لتقرير المصير.
ثالثا . التفريق بين منهج التعامل مع منظومة الخليج وتحالفاتها مع القوات الأمريكية وواقع العراق في تواجد القواعد المشتركة واليات التعامل معها.
رابعا .العمل على ردم فجوة المعرفة ليس بنموذج بناء وتنمية القدرات الإدارية بل في ضمانات تعليمية واسعة من خلال مشروع زمالات دراسية علمية لفترة لا تقل عن خمسة عشر عاما.
خامسا .يبقى أمر اكثر أهمية لمستقبل العراق الجديد يتمثل في الغاء الديون البغيضة بقرار لمجلس الامن الدولي بتعزز الامن الاقليمي والدولي في الشرق الأوسط .. وهذا يحتاج الى مبادرة أمريكية واضحة وصريحة لالغاء جميع قرارات مجلس الامن الدولي التي عرفت ب( الحالة بين العراق والكويت).
وهذا يتطلب سياسات عامة حاكمة للدولة العراقية في سلطلتها الثلاث وليس تنابزا بصخب التصريحات والاقوال العاطفية .. فالمسؤولية الاخلاقية تبدأ بدولة تمتلك هوية وطنية عراقية بامتياز…!!