بقلم: فاروق يوسف
الشرق اليوم- بعد أن سقط أكثر من ستين ألفا من البشر موتى لا يمكن الاستهانة بالحرب الدفاعية التي تقاوم البشرية من خلالها فايروسا، لا تزال إمكانية القضاء عليه مرهونة بتجارب وبحوث مختبرية لن تعلن نتائجها في وقت قريب.
حرب غير مسبوقة سواء من جهة نوعها أو من جهة رقعتها الجغرافية كشفت عن عيوب خطيرة في تقنيات دفاع الإنسان عن نفسه. لم يكن الاطمئنان القديم في محله. لقد تبين أن جبهة الإنسان بكل تحصيناتها كانت ممكنة الاختراق.
ذلك ما يجعلنا نعيد النظر في مسألة وجودنا على مستويات متعددة.
فإذا كانت القطاعات الصحية في دول متطورة كإيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة، تسعى إلى إبعاد شبح الانهيار عنها بصعوبة، فهل يمكن التعويل على دول، قطاعاتها الصحية منهارة ولا تؤدي واجبها اليومي في علاج الأفراد بشكل صحيح؟
إيران تقف في مقدمة تلك الدول، وتليها دول عربية عديدة تعاني أصلا من تخلف وفقر قطاعاتها الصحية. وإذا كان كذب إيران في إحصاءاتها قد صار مفضوحا بالنسبة للعالم بسبب كونها بؤرة وباء، فإن دولة كالعراق تم تطبيع الموت فيها لا يمكن أن تكون أرقامها مصدر ثقة.
فالقطاع الصحي في العراق وفق المعطيات المعروفة لا يمكنه أن يتصدى لأمراض البرد العادية، فكيف به وهو يواجه مرضا يضرب الرئة ويقضي على فريسته في وقت قصير؟
عمليا فإن القطاع الصحي تهاوى في العديد من الدول ولم يعد قادرا على تقديم أقل الخدمات نفعا للمرضى. ليست هناك أسرّة كافية. كما أن غرف الإنعاش تكاد تكون مفقودة. أما أجهزة التنفس فلا يمكن التفكير بوجودها.
لم تكن تلك الدول مستعدة لحماية الأفراد وعلاجهم لذلك اكتفت بالاستعراض الإعلامي وهي تقف مكتوفة الأيدي أمام وباء جعل المجتمع كله مريضا.
ما صار جليا بعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على ظهور الوباء العالمي أن المجتمعات تحتاج إلى وجود الدولة القوية بمفهومها الجذري الحقيقي، لا لأن تلك الدولة تدرأ الأخطار الصحية فحسب، بل وأيضا لأنها تكون مستعدة للتعامل مع تداعيات ما بعد الأزمة والتي تتعلق بالاقتصاد بشكل خاص.
ذلك امتحان حقيقي ستجتازه الدول الحقيقية بصعوبة، أما الدول الزائفة وقد سلمت شعوبها للموت المجاني فإنها ستتشبث برجاء الاعتراف الدولي بها باعتبارها دولا على الورق. أما واقعيا فإنها لا تستحق حتى ذلك الاعتراف الذي لا يقدم ولا يؤخر.
أكثر من 190 دولة لها سفراء في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ذلك الرقم يجعل اجتماعات تلك المنظمة أشبه بالحفلة التنكرية. أعتقد أن هناك حاجة إلى أن يكون الرقم كبيرا من أجل تسويغ رعاية المنظمة لمشروع السلم العالمي الذي لا تعترف به دول عديدة.
السلم هو آخر ما تفكر فيه دولة مثل إيران.
إيران دولة معترف بها دوليا وهي عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، غير أنها لا تعترف عمليا بميثاق تلك المنظمة الدولية، كما أن طريقتها في التصدي لوباء كورونا كشفت عن أنها الدولة الأقل شعورا بالمسؤولية. لقد صدّرت إيران الفايروس إلى الدول المجاورة لها مستغلة سطوة ميليشياتها على تلك الدول.
ولكن إيران، بالفايروس أو من غيره، ليست دولة حقيقية ولا تستحق أن تكون عضوا في الأمم المتحدة. فهي أولا دولة حرب ولا تحافظ على السلام الدولي، وهي ثانيا تعرض أمن وسلامة مواطنيها لمختلف أنواع الأخطار بحثا عن منافع سياسية. ناهيك عن أنها لا تحترم الأعراف الدبلوماسية.
وفي مواجهة وباء كورونا لا تملك إيران سوى الحرس الثوري.
قد ينقذها العالم من خلال مدّ يد المساعدة إليها ولكن الحقيقة تظل شاخصة. تلك دولة يمكن أن تختفي في سنوات ما بعد العاصفة.
هناك شعوب في إيران تناضل من أجل تقرير المصير. عرب وأكراد وأذريون يجمعون على زوال سلطة الفرس.
من المتوقع أن يؤدي فشل النظام الإيراني في مواجهة الوباء العالمي إلى تفكيك دولة الولي الفقيه وهو ما يعني عمليا نهاية الدولة الزائفة في إيران.