بقلم: إبراهيم الجعغري
الشرق اليوم- هناك تناسب بين درجة التحديات التي تواجه الإنسان وبين جديته بالمواجهة، ففي أجواء الترف والاسترخاء تتقلّص الإرادة وتضعف الجدية! وفي أجواء التحدي والظروف الصعبة تتمدّد على أكبر ما تكون عليه من حجم، ومن هنا كان قد حذّر القران الكريم “﴿ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾، [سورة هود: 116]”، “فَلَوْلَا كَانَ مِنْ الْقُرُون مِنْ قَبْلكُمْ أُولُو بَقِيَّة يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَاد فِي الْأَرْض إلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا”.
لقد أطبقت أجواء الترف بكل مفرداتها السيئة على حياة الانسان ورغم كلّ ما رزقه الله تعالى لكنه كفر بأنعم الله وتنكّر لتلك النعم فابتلاه بصنوف المصائب.. وعالم اليوم يكفر بما وهبه الله فاستحق غضبه تعالى وأخذت صور الغضب أشكالاً متعددة مما تسبب ببث الخوف في نفوسهم وانتشر بكل أوساطهم فمن الخطر المرضي الأعظم “بڤايروس الكورونا” الذي اكتسح دولاً شتى منها الصين ومنها من أوروپا وأميركا والشرق الاوسط ولا يزال يقرع طبوله على باقي الدول وهو ما تسبّب بشلّ حركة السوق تجارياً وعمل المؤسسات والمدارس والمستشفيات وقد تخللتها اخطارُ الفيضانات والحرائق ناهيك عن وجود الأزمات المتعددة التي أخذت شكلَ سرقات مرةً لأموال الدولة وأخرى لأموال المواطنين وقد عرّضت حياتهم للخطر!
كما اقترنت بإثارت النعرات الطائفية والعنصرية وما كشفت عن تدخّل اجنبي مشبوه استهدف بشكل سافر “إحراق العالم بما فيه ومن فيه” من دون رحمة وتسبب بنشر الذعر العام في الأوساط الاجتماعية للدول وقد اقترن بشحّة المواد الاستهلاكية بالأسواق وما جرّ ذلك الى أسوء الاثار على حياة عموم المواطنين والفقراء منهم خاصة! وهو ما قلّص حركة النقل عموماً الى حد التوقف في سابقة ليس لها مثيل!! ممّا أدّى الى إنكفاء المواطنين بالبيوت وعدم مباشرة العمل!! وفاقم من صور المأساة انحسار فرص العلاج والمباشرة الطبية وما تخللها من قلق العدوى الذي أدّى الى غلق بعض المدارس والإخلال بالنظام العام للدول خصوصاً الفقيرة منها! وبمثل هذه الاجواء انتشرت ظواهر الانحراف السلوكي وقد يتفشّى القتل والسرقة والإدمان وتعاطي المخدرات..
ممّا يزيد في وتيرة القلق كثرة التنبؤات الاجتماعية والكونية والاقتصادية والعلمية!!.. خصوصاً وأنّ هذه الأخطار بطبيعتها عالمية ولا تقتصر على ابناء دين أو بلد أو قومية دون آخرى والتي تستدعي بالضرورة البحث عن الردود العملية التي تدفع كل هذه الشرور عن كلّ بني الانسان.
ولأول مرّة تتهدد العائلة البشرية بهذا الحجم من التحديات وهو ما يستدعي ردّاً انسانياً لحفظ الحياة وحفظ الثروات وحفظ القيم وإدامة العلاقات بين الدول على أساس إنساني شامل.. وبالرجوع الله تعالى “وَلَوْ أَنَّ أَهْل الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بما كانوا يكسبون”.
التوجه الى الله تعالى بالعودة اليه بصدق النية وبذل العمل والحفاظ على حرمة الانسان واحترام حقوقه واعتماد التخطيط وتسخير الامكانات العلمية والعملية.. كل ذلك وغيره يتطلب بذل أقصى الجهود على مستوى التخطيط والتنفيذ ومن قبل اصحاب الكفاءة العملية.. ان وجهةً كهذه من شأنها أن تنقل الناس من اللامبالاة الى الجدية ومن الانكفاء السلبي الى المبادرة ومن الانفعال العاجز الى الفعل الإيجابي.
العالم اليوم مدعوٌّ وبشكل جادٍّ ومُلِح الى العودة الى الايمان بالله والتمسك به والى تبنيّ مشروع السماء لإنقاذ البشرية مما وقعت فيه .. لكسب دنياها وآخرتها بعد جولة الضياع التي مُنيت بها وما صبّت عليها من عذابات!