بقلم: د. عدنان الشريفي
الشرق اليوم- قام السيد رئيس الجمهورية، بتكليف السيد عبد الأمير علاوي دون الرجوع لكتلة وحينما اعتذر طلب من المحكمة الاتحادية بيان فيما إذا كانت تنتقل إليه صلاحية التكليف من عدمه وذكر في رسالته وبشكل واضح عبارة غير دستورية وهي” أن الكتل النيابية لم تقدم مرشح بديل متفق عليه ” وعبارة متفق عليه التي ذكرها الرئيس في رسالته تشكل مخالفة دستورية لأن الاتفاق على المرشح يكون بالتصويت تحت قبة البرلمان وليس بالترشيح وقد كنا نأمل من محكمتنا الاتحادية أن تلفت عناية حامي الدستور بان الكتلة الأكبر تقدم مرشحها الذي يكلف بتشكيل الحكومة ويعرضها على البرلمان لنيل الثقة ولا يوجد في المادة 76 من الدستور شيء اسمه مرشح متفق عليه بل مرشح الكتلة الأكثر عددا لكن المحكمة الاتحادية مرت على هذه العبارة مرور الكرام وإن أهم ما يسجل على قرار محكمتنا الاتحادية الذي جاء فيه “أن المرحلة التي تلت اعتذار المكلف بتشكيل مجلس الوزراء وفق المادة 76 من الدستور وفق الفقرة ثالثا منها يكون بعدها الخيار حصريا لرئيس الجمهورية بتكليف مرشحا جديدا” تسجل عليه الملاحظات التالية:
1- أن المادة 76/ أولا من الدستور حددت آلية التكليف بقولها “يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا “.
2- نصت الفقرة الثالثة من المادة 76على” يكلف رئيس الجمهورية مرشحا جديدا لمجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما عند اخفاق الرئيس المكلف في تشكيل الوزارة ” ونلاحظ ان هذه الفقرة لم تأتي في مادة مستقلة بل في نفس سياق المادة 76 والتي حددت في أولا منها مرشح الكتلة الأكثر عددا وان نسق الصياغة واضح ومستمر بالقول مرشح جديد وهذا يعني ان تقدم الكتلة الأكثر عددًا التي قدمت المرشح الأول مرشحا جديدا ليتم تكليفه واذا كان الامر كما تفضلت به المحكمة لماذا لم يأتي النص بالقول ” يختار رئيس الجمهورية” او يرشح رئيس الجمهورية لماذا قال النص يكلف مرشحا جديدا وهذا يعني العودة الى الفقرة اولا من المادة 76.
3- لو ذهبنا الى مادة دستورية أخرى وهي المادة 81 وان كانت هي في هذا الوضع ليست محل تفعيل لكن يمكن ان تؤخذ على سبيل الاستدلال حيث نصت على:
أولا: يقوم رئيس الجمهورية، مقام رئيس مجلس الوزراء، عند خلو المنصب لأي سبب كان.
ثانيا: عند تحقق الحالة المنصوص عليها في البند” اولا” من هذه المادة، يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح اخر بتشكيل الوزارة، خلال مدة لا تزيد على خمسة عشر يوما، ووفقا لأحكام المادة 76 من هذا الدستور”
ونلاحظ بوضوح ان الدستور الزم رئيس الجمهورية بان يكون الترشيح وفقًا لأحكام المادة 76 دون ان يحدد اي فقرة فيها ولو كان الأمر على رأي المحكمة الاتحادية لقال النص الدستوري يكون التكليف وفق المادة 76/ثالثا وبالتالي جاءت مطلقة وهذا يعني ان يكلف مرشح الكتلة الأكثر عددًا.
4- ان قرار المحكمة الاتحادية شكل خرقا قد يؤدي الى عواقب خطيرة فمنصب رئيس الجمهورية منصب تشريفي فكيف يعطى له حق يمكن ان ينسف كل نتائج الانتخابات وان يحل محل الكتلة الأكبر ليرشح من يشاء في حال فشل اول مكلف لان هذا القرار سوف يسري على كل الانتخابات القادمة.
5- ان إعطاء الحق لرئيس الجمهورية بالتكليف دون الرجوع الى الكتلة الأكثر عددا يحتاج الى نص دستوري صريح يعطيه هذه الصلاحية في التكليف الحصري وقد خلت كافة النصوص الدستورية من ذكر ذلك وان صلاحياته ذكرت متفرقة في المواد 54 الخاصة بدعوة مجلس النواب للانعقاد والمادة 60 يقدم مشروعات القوانين والمادة 61/ثامنا /1 الخاصة بتقديمة طلب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء والمادة 67 صلاحيات وصفية والمادة 72 نظمت مدة ولايته والمادة 73 وهي الأهم والتي حددت صلاحيات رئيس الجمهورية بشكل حصري وهي باختصار اصدار العفو الخاص والمصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية والمصادقة على القوانين ودعوة مجلس النواب المنتخب للانعقاد ومنح الاوسمة والنياشين وقبول السفراء واصدار المراسيم الجمهورية والمصادقة على احكام الإعدام والقيام بقيادة القوات المسلحة لأغراض تشريفية إضافة الى صلاحية التكليف لمرشح الكتلة الأكثر عددا في المادة 76 واحلاله محل رئيس مجلس الوزراء عند خلوه لأي سبب وصلاحيات أخرى كاقتراح التعديلات الدستورية والمصادقة عليها وطلب عقد جلسة استثنائية لمجلس النواب وطلب مشترك لإعلان حالة الطوارئ . هذه هي الصلاحيات الواردة للسيد رئيس الجمهورية فعلى أي نص دستوري استندت المحكمة الاتحادية بإعطائه صلاحية حصرية بتكليف مرشح جديد ولو كان الأمر كذلك لذكرها الدستور لذلك أرى ان راي المحكمة الاتحادية قد شابته مخالفة دستورية واضحة بإضافة صلاحية جديدة للسيد رئيس الجمهورية غير موجودة في الدستور.