الرئيسية / الرئيسية / المصيبة ضريبة!

المصيبة ضريبة!

يقلم: أ.د. ضياء واجد المهندس

الشرق اليوم- في نهاية شهر آب من 2012، وأثناء عملي في جامعة فلوريدا الدولية في ميامي- أمريكا؛ كأستاذ زائر، ضرب المدينة إعصار آساك. وفي تشرين الثاني من نفس السنة ضرب إعصار ساندي مدينة نيويورك، أثناء تواجدي فيها لحضور مؤتمر علمي في جامعة كولومبيا في هارلم أحد ضواحي مانهاتن، يعني في غضون 3 أشهر عايشت كارثتين في مدينتين كبيرتين في أمريكا، وكان فضولي حاضراً في معرفة كيف أن عمدة المدينة وحاكم الولاية و الرئيس الأمريكي يدير بفرق تخصصية دائمة وخلية أزمة من أن يقللوا من وقع الكوارث في غضون أيام، بل إن مترو الأنفاق غرق من العواصف المطرية، وتأثرت كل حساسات التشغيل، ولم يمر سوى يوم واحد حتى تم تأهيل الشبكة.

ما صرفناه منذ 2003 من مبالغ والذي يفوق الترليون دولار يعادل 20 سنة من كل ميزانية دول الجوار،  بل إن ميزانية العراق تعادل 12 سنة من ميزانية الأردن و15 سنة من ميزانية سوريا و18 سنة من ميزانية لبنان، ومع هذا العراق البذخ؛ هو ذو اقتصاد متهالك، و شعب يعادل معدل الفقر في وسطه و جنوبه 40% ، و يقترب من خط الفقر بنسبة تزيد عن 55% في احد المحافظات …الأغرب لدينا جيش وشرطة وحشد وأمن وطني ومخابرات وفصائل مسلحة مقارنة بعديد سكان العراق يحتل المرتبة الأولى دولياً، و على أرضنا ومياهنا وأجوائنا كل القوات الدولية، أﻻ عجب أن قوة جواز السفر العراقي صفر  بالنسبة للبلدان التي تسمح لنا بالدخول بدون تأشيرة أو تمنحنا تأشيرة مطار، حتى إن الجواز العراقي يتنافس من الجواز الأفغاني على المرتبة الأخيرة في التصنيف الدولي، المصيبة أن كل مفردات الحياة العراقية سيئة وكارثية من التعليم، ونظافة البيئة، وطبيعة المدن، وتوفر الخدمات، واستتباب الأمن، وحرية الإعلام، وحقوق المرأة، وتوفر فرص العمل، والاستثمار ووو….إلخ، كل هذا و الحكومة غائبة و الدولة مغيبة في ظل ظروف مصيرية… يقبع العراق تحت غزو الكورونا ، وترقب لهجمات إرهابية متعددة من خلايا داعش النائمة أو المتنقلة، وعجز قد يصل إلى 65% من الموازنة إذا ما انحدر سعر النفط الخام إلى 30 دوﻻر ، واستمرار الاعتصامات في وسط والجنوب، وازدياد نسبة البطالة، والدخول في ركود اقتصادي، وخلافات بين المركز والإقليم، وآثار حادة للتغييرات المناخية التي تسبب في انخفاض معدل اﻻمطار ، و مشاكل الحصة المائية مع تركيا.

قد يكون فايروس كورونا صحوة من موت محقق، لأنه يجب أن يدفعنا إلى تطبيق ضوابط صحية، و إجراءات بلدية بالنظافة و تعقيم الأماكن العامة، وإلى التقييد بالقوانين والتعليمات الملزمة للتنقل وعدم التجمع.

إن من الوهم من يظن أن حرب الكورونا هي صحية، بل هي مأساة اقتصادية ذات اثار سياسية واجتماعية و ثقافية و سلوكية.

لقد قال لي ذات مرة جدي رحمه الله وهو معمر: إن المصيبة ضريبة وعلى المبتلى التقرب من الله بخدمة الناس وإعانة أهله.

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …