الرئيسية / الرئيسية / تحليل: الأسد الشيعي المريض

تحليل: الأسد الشيعي المريض

قراءة: عدنان أبوزيد

الشرق اليوم- تمخضّت تجربة فشل تكليف محمد علاوي، لرئاسة الحكومة عن نتائج فاجعة، تلقى بتبعاتها السلبية على وحدة الصف الشيعي لأمد طويل، إذا لم يتدارك زعماء المكوّن حالة الانقسام والتشظي، التي جعلتهم يخسرون جولة تنصيب رئيس وزراء، أمام أنداد، استمكنوا من سحب البساط من تحت أقدامهم التي تقف -في الأصل- على أرض مهزوزة بسبب التظاهرات التي تتهم نخب المكون، بالفساد وسوء الإدارة.

يزيد من مأزق القوى الشيعية، استطاعة الخصوم “الشركاء” من الانتصار عليهم سياسيا ونفسيا، وحتى ماديا على مستوى حصد المال من موازنة الدولة، والمناصب، لصالح المناطق التي ينحدرون منها، فيما نخب المكون الأكبر، تتنازل عن حقوق مناطق الوسط والجنوب باسم الشراكة والمصالحة والتوافق، والخشية من الاتهامات باحتكار السلطة.

يبدو المشهد سورياليا بامتياز، حين تتمعّن في أشياخ مكون يسمونه الأكبر، يستطيع بسهولة ويسر ان يسيطر على البرلمان بمقاعد الغالبية البرلمانية، لكن اللهاث وراء المصالح، والزعامات الفرعية، جعل هذا النفوذ الحاسم في مهب الريح.

الأغرب من ذلك، انه يحدث في زمن تظاهرات صاخبة تنادي برفض المحاصصة الحزبية، او باسمها الجديد – القديم “المكونات”، وكان يمكن لساسة المكون الشيعي ان يقفوا بكل وضوح مع شعارات المتظاهرين لقلع مشاريع تقاسم المغانم والوزارات من جذورها، لكن ذلك لم يحدث، ولن يحدث، طالما تسلطت الانانية السياسية، والعناد، وروح الانتقام، على قادة المكون الأكبر.

هذا العدد الهائل من مقاعد البرلمان، والتحشيد الشعبي في التظاهرات، الذي في غالبيته شيعي بامتياز، لم يستطع الفوز على جبهة المحاصصة التي قادها شركاء، تمكنوا من اغراق قارب التكليف، بسهولة ويسر.

المستقبل لا يبشر بنهاية متواليات الخسارات، طالما خريطة القوى التي تمثل المكون الأكبر، مجزأة على نفسها، حتى وصلت شظاياها الى الشارع الذي انقسم هو الآخر، بشكل مفرط، بدليل التظاهرات في الوسط والجنوب، التي ترفع الشعارات والهتافات، بطريقة عفوية، لا تعبر عن نسيج رأي.

لهث زعماء المكون الأكبر، كثيرا وطويلا، وراء واجهات الشراكة، والمصالحة، وصدّقوا اسطورة تهميش المكونات التي ترتع في بحبوحة من حصة الميزانية، فنسوا مدنهم، وشعبهم، من اجل إرضاء الاخر، فكانت النتيجة طبيعية، تجسدت في  غضب عارم في الوسط والجنوب، وطمأنينة واعمار في مناطق الغربية والشمال.

لا يمكن في اية حال وصف هذا المنطق، بالطائفي، لأنه واقع حال، ومن غير الممكن ان تصفه بذلك، حين تجد سياسيّ المكون الاخر، يتعصب لشعبه ويستقتل للحصول على الأموال والوزارات باسمه، بل ووصل به الحال الى التحدث باسم القبيلة والعشيرة، من اجل ضمان مصالحه.

فضلا عن كل ذلك، فان المناطق الأخرى التي لا تُحسب ضمن جغرافية المكون الأكبر، تحصل على المساعدات الخارجية، والتمويل الدولي، اكثر بكثير من مناطق الوسط والجنوب التي أضحت “كالعيس في الصحراء يقتلها الظمأ، والماء فوق ظهروها محمول”.

يقف زعماء المكونات الأخرى، أقوياء، واثقين، متيقنين، يطالبون بالحصص من ميزانية، ووزارات، ورواتب جيوش وموظفين، والتمثيل الحكومة، والنفوذ في العاصمة الاتحادية، والتدخل حتى في اختيار رئيس الوزراء، وفرض الارادات على “نوعية” شخصه، وهو قاعدة تسمح بها السياسة وألاعيبها، وبل والدستور أيضا، فيما زعماء المكون الأكبر، منقسمون، أذلاء، يمسحون الاكتاف، ويقبلون الأيدي، من أجل ان لا ينفرط عقد شراكة لن يخسروا في انهيارها، أكثر مما سوف يخسره الآخرون.

على هذا النحو تمضي الشراكة في الحكم منذ 2003، والتي لا تمت الى المقاسمة بصلة، عدا الاسم، بعد أن تحوّلت العملية السياسية الى غابة، المكوّن الأكبر فيها، بات مثل الأسد العجوز، الذي لا يقوى على الوقوف، وقد تحلّقت حوله الذئاب والضباع، تأخذ من المغانم ما تريد، فيما هو اكتفى بلقبه الرمزي، ملكا لغابة، ليس له فيها إلا المسمى.

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …