الشرق اليوم- منذ لحظة تكليف محمد توفيق علاوي، بتشكيل الحكومة “المؤقتة” الجديدة، والبرلمان يشهد انقساما هو الأكبر في تاريخه، هذا الأمر لم يأت نتيجة الصدفة أو وليد اللحظة بل كان نتاج اجتماعات “بطلها” الحلبوسي مع بعض اصحاب القرار في الساحة السياسية، وأبرزها اجتماع أربيل الذي جمع رئيس البرلمان مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، وتمخض عنه اتفاقا يقضي بعدم السماح لحكومة “علاوي” بالمرور، دون الحصول على “الامتيازات والغنائم” أولا.
مراقبون قالوا إن : “علاوي المكلف برئاسة الحكومة، رفض أن يخضع لشروط الحلبوسي التي نتجت عن اجتماعاته في (الغرف المظلمة)، ما دفع رئيس البرلمان ان يخطو اولى خطواته (التسقيطية) عبر الاعلام، ويدعي بعدم استقلالية شخصية علاوي وأنه كان مشتركا في العملية السياسية وكان مترئسا للوفود التفاوضية منذ قرابة 12 عاما!”.
وبموجب الدستور العراقي، إن لم يحصل علاوي على موافقة البرلمان على الحكومة سيكون على الرئيس برهم صالح تكليف شخص آخر بتشكيلها.
محمد الكربولي القيادي في تحالف “الحلبوسي”، هاجم، منهج رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي في تشكيل كابينته الحكومية.
وقال الكربولي في تصريح صحفي، إن “القوى السياسية السنية تريد الاشتراك في قرار تشكيل الحكومة، كما هو الحال بالنسبة للسنة والكرد في ما يخص رئاستي البرلمان والجمهورية”.
وتوعد الكربولي، بـ”معارضة نوعية لحكومة محمد علاوي في حال منحها الثقة”، مشددا أن “محمد علاوي مرفوض من قبل الشعب وليس من حقه الحديث باسم الشعب ومحاكمة الأحزاب السياسية”.
زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، كان موقفه الاخير واضحا بعدم الاشتراك في حكومة رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي ايمانا منه بضرورة التخلص مما سماه النهج التحاصصي المقيت، بحسب تعبيره.
وقال في بيان، إنه “اكد منذ البداية موقفه فيما اذا التزم المكلف بما تعهد به امام العراقيين ، فانه سيدعمه بكل قوة واذا ما تخلف عن التزاماته فانه سيعتذر عن دعمه “.
واضاف المالكي انه ومن هذا “المنطلق يؤكد على خطابه الثابت في السر والعلن ، بعيدا عن الحسابات والمكاسب السياسية الضيقة”، مشددا على “ضرورة الحفاظ على الثوابت الوطنية وفي مقدمتها تشكيل حكومة تلبي طموح الشعب وتعيد هيبة الدولة وتلتزم بأجراء الأنتخابات المبكرة”.
ولا يخفى على أحد، أن محمد توفيق علاوي المكلف برئاسة الحكومة العراقية المؤقتة، جاء بعد اجتماع عقد في إيران جمع بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع زعيم تحالف الفتح العامري برعاية النظام الإيراني والتي بحث فيها الأطراف تسمية مرشح لرئاسة الوزراء، وملفات أخرى، وفق وسائل إعلام محلية.
هذا التطور السريع، جاء بعد فترة قصيرة من اجتماع ضمن قادة الفصائل المسلحة الموالية لإيران، مع قادة النظام الإيراني في قم، هدفه إعادة التشكل من جديد لمواجهة المتظاهرين العراقيين بعد أن قتلت ضربة أميركية مهندس النفوذ الإيراني في العراق قاسم سليماني.
واعتبرت بعض القوى السياسية، أن ما يحصل الآن ليس بجديد على الساحة العراقية، فهو إعادة لسيناريو التجاذبات السياسية التي أفضت إلى تعيين عادل عبدالمهدي في فترة سابقة، والتي لم تخرج عن سياق التفاهمات ما بين كتلتي فتح وسائرون.
وبحسب مراقبين، فان بعض السياسيين الشيعة تعاملوا بـ “ازدواجية” من خلال تصريحاتهم امام وسائل الاعلام، وما يقولونه بكواليس “الغرف المغلقة”، وكل هذا كان جزء من خطة مدروسة الخاسر الوحيد فيها هو الشعب العراقي.
وأخفق مجلس النواب العراقي، عدة مرات، في منح الثقة لحكومة “علاوي”، والجلسة ما قبل الاخيرة شهدت احتداما بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبه الأول حسن الكعبي حول رفع الجلسة، لا سيما وان الجلسة كانت مطلبا أساسيا من علاوي، ويدعمها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي هدد بتنظيم مظاهرات حول مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء في حال عدم منح الثقة للحكومة هذا الأسبوع.
ووصل علاوي إلى مجلس النواب، والتقى قادة الكتل السياسية ورئيس مجلس النواب ونائبه، وقدم قائمة جديدة بأسماء المرشحين لتولي المناصب الوزارية، لكن كل هذا لم يجد نفعا.
ومع ازدياد حدة الصراع والنزاع السياسي، وبعد ان فشلت اخر جلسة لمنح الثقة لحكومة “علاوي” والتي عقدت أمس الاحد (2 اذار 2020)، أعلن رئيس الوزراء المكلف، انسحابه من تشكيل الحكومة العراقية، وذلك بعد فشل مجلس النواب، للمرة الثانية بعقد جلسة استثنائية للتصويت.
وفي تغريدات له نشرها عبر تويتر، أعلن علاوي انسحابه، مشيرا إلى أنه قدم رسالة إلى رئيس الجمهورية اعتذر فيها عن تكليفه بتشكيل الحكومة.
وأضاف علاوي أنه “كان أمام معادلة تكمن في أن يكون بمنصب رئيس الوزراء مقابل عدم الصدق مع الشعب والاستمرار بالمنصب على حساب معاناته”، بحسب تعبيره.
المصدر: NRT