الرئيسية / مقالات رأي / رسالة الأربعاء: السيادة والتحديات المعادية

رسالة الأربعاء: السيادة والتحديات المعادية

بقلم: إبراهيم الجعفري

الشرق اليوم- مجموعة مؤثرات يتفاعل بعضها مع البعض الأخر لتضغط بالمحصلة على السيادة بل تهدد مصيرها وتجعل البلد أي بلد في مهب الريح! وهو ما يفسّر قصص التحدي لكل أمم وشعوب العالم ففي الوقت الذي تكون السيادة فيه رئة التنفس المفتوحة يستنشق بها الناس كلّ الناس تحاول بعض القوى المعادية محليةً كانت أم إقليميةً أو دوليةً اغتيال إرادتها ومصادرة تلك السيادة، والنظام السياسي يلعب دوراً أساسياً بل مصيرياً في مسك عرى السيادة وإرساء الدولة على قاعدة الاستقرار من هنا كان تأثير النظام السياسي على السيادة شديداً وبالغ التأثير وهو يتأتى من خلال العوامل التالية:

  • مدى استقلاله الوطني وكفاءة وأمانة وإخلاص المتصديين لإدارته وجديّتهم بحسم للدفاع عنه والتضحية من أجله.
  • مدى توفّر البنية التحتية الاجتماعية التي تغذي الهيكل السياسي “كنُسُغ صاعد” يتولى تشكيل النظام بكلّ مؤسساته.. كما يسهّل استلهام مفردات النظام وقيادته المتصدية والعمل على تطبيق مفاهيمه “كنُسُغ نازل” يتفاعل معه الشعب بكل مكوناته وهو يسعى لتحويل مفردات القانون الى جزءٍ من المزاج العام للمواطنين بحيث يكون “المقبول والمرفوض” القانوني هو ذاته “المقبول والمرفوض” النفسي والاجتماعي وان الرقابة الاجتماعية تكون متوازية في ضبط حركة المواطنين مع الرقابة الدستورية.
  • تعميق الحس الوطني الى درجة التفاني من شأنها توفير البيئة الصالحة للتضحية من أجل البلد.

ولما كانت السيادة بمفهومها العام تتداخل مع مفهوم الديمقراطية وقد تبدو معارضة لها ظاهرياً خصوصاً مع عدم ارتقاء المواطن الى درجةٍ عاليةٍ من الوعي فقد يبدو التوفيق بين الأمرين صعباً! فبينما تبدو السيادة باتجاه حثّ المواطنين على التمركز حول الوطن والدستور ومؤسسات الدولة وفق الدستور تبدو الديمقراطية تحرراً من القيود التي تحد من الحريات.

فالنظام الحالي ولأسباب تراكمات الماضي القمعي وتدنّي المستوى الثقافي لوعي مفردات السيادة والحرية والديمقراطية والتعدد الديمغرافي للشعب ونزوع بعض المكونات الى فرض ذات الأقلية على حساب الإطار الوطني العام للعراق فقد بدأت تشكل عقبات بطريق البناء.

ولأن عانت دول الجوار الجغرافي من تجاوزات النظام المقبور بعد أن عرّض أمنها وسيادتها للخطر كما حصل لإيران والكويت والسعودية كان المعوّل أن تحفّز تلك الاعتداءات هذه الأنظمة على إسناد العراق الجديد كدولة! وقد وقفت وللحق دول الجوار عموماً مع العراق لكنها قصرت نظرها في التعامل على “العراق كحكومة” وليس دولة بمعنى ان مواقفها تذبذبت على ضوء مواقف الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق.

ذلك له ما يبرره الى حد ما ولكن ليس بالمطلق وهذا منشؤه اختلاف “النظرة الآنية” عن “النظرة الاستراتيجية” ولو أن النظرة المبدئية هي الحاكمة في صياغة العلاقة لما تصدّعت لأسباب طارئة!

وللحق يجب أن نسجل لمواقف بعضها آيات الشكر والامتنان حين قدّمت دعماً سياسياً وإعلامياً وسعت لتقديم الدعم الأمني والسياسي والإعلامي والإنساني التي أقدمت عليه إيران طيلة الفترة المنصرمة.. وما أقدمت عليه الكويت في مبادرة “مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق” في مطلع عام 2018 بثلاثين مليار دولار.

إن مبادرةً كهذه مضافاً لمبادرات أخرى مماثلة كان مقدراً لها أن تنعطف بمسار العلاقات العراقية الإقليمية نحو أوسع الافاق لأكثر من دولة وعلى أكثر من صعيد.

وكذا مع تركيا وباقي دول الجوار وستبقى أبواب التعاون مفتوحة مع باقي دول العالم بما يدر على العراق من فرص خصبة لكسب الثروات الاقتصادية والمائية والأمنية والدعم السياسي.

ما يصدّع في سيادة العراق هو التواجد الاجنبي عموماً والعسكري منه خاصة والتدخل في شؤونه الداخلية!!..

وما من تدخّلٍ أجنبي في شؤون أي بلد الا وسبقه ضعفٌ لدى ابناء ذلك البلد سمح به وبرره؛ فمنع التدخل الاجنبي إذن يبدأ من تحرير الذات وإطلاق ارادة الاستقلال في كل ما يهم البلد.

لا يعاب على العراق أن يستعين بالدول الصديقة لدعمه المتنوع ما دام يمر بظرف استثنائي وما دامت أية مساعدة لا تتسبب بإرهان سيادته أو التحكم بمقدراته.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …