الرئيسية / الرئيسية / مقتدى الصدر ومسلسل الانقلاب على الدولة

مقتدى الصدر ومسلسل الانقلاب على الدولة

بقلم: مهند دراجي

الشرق اليوم- يعرف الصدر بأنه شخصية جدلية، تارةً يؤيد نظام الحكم في العراق، وتارات أخرى معارض له وبشدة، لا بل أنه وأكثر من مرة هدد بقلب نظام الحكم وتبديل الشخصيات السياسية الحاكمة، حيث يزعم أنه يمتلك القدرة على تقليب الشخصيات وتبديل الأنظمة كما أشار إلى ذلك في أكثر من تصريح، أو مقابلة، واعترافه بأنه أحد المكونات الأساسية لشكل وقالب نظام الحكم.

لا يختلف اثنين على أن الرجل له وزنه السياسي المؤثر والفاعل، لكن لم يصل هذا الوزن لقدرته في التحكم في كامل المسار السياسي في العراق، فهو أيضا يمثل واجهة لأجندة معينة إما تمثله شخصياً أو تمثل أطرافاً أخرى.

ومن الأمثلة على جدلية الصدر، هو تغيير موقفه المستمر من الثورة العراقية، فنراه واقفاً في صفوفها مرة، وأخرى مهدداً المتظاهرين بالقتل أو الخطف، كما حصل مؤخراً مع أصحاب القبعات الزرق، وكذلك اعترافه بأنه كان موافقاً على تعيين عادل عبد المهدي، كرئيس للحكومة، لكنه وأنصاره انقلبوا عليه بعد اندلاع الاحتجاجات في العراق.

كما يُتهم الصدر بولائه أو بانحيازه إن صح التعبير لإيران في جلّ قرارته السياسية، وهو ما يفسره البعض بأنه السبب بمواقف الصدر المتداخلة والمتضاربة في ذات الوقت، فيرى البعض أن انقلاب رجل الدين الشيعي على الانتفاضة العراقية، والتحول الكبير من مناصر ومساند لها، إلى أداة لقمعها وإخمادها، لم يكن تكتيك سياسي في حربة الأزلية على الزعامة -زعامة الطائفة الشيعية في العراق- بل كان عملا قد خطط له في أروقة قم الإيرانية -بحسب تقرير لرويترز- والذي قضى بتنازل القادة الشيعية عن الزعامة للصدر ومنحه ما يخوله لقيادة مهمة ضرب الانتفاضة العراقية، والوقوف إلى جانب النظام ومساندته، وضمنت له كذلك ترأس المعسكر المناهض للوجود العسكري الأمريكي في العراق.

في مقابلته الأخيرة، والتي كانت منذ يومين على قناة الشرقية العراقية، هاجم الصدر، بعض السياسيين “السنة” مهدداً بإعادة تشكيل جيش المهدي، التابع لتياره، قائلاً: “إذا كانت بعض القيادات السياسية السنية تريد إرجاع المفخخات نحن مستعدون لإعادة شيء”، موضحا: “جيش المهدي مجمد وغير ملغي، وبخطوة واحدة يعود مرة ثانية”، وأضاف: “بأي وقت ممكن أن يعود”، منوها إلى أنه “يفكر بشكل قوي بإعادة قوات جيش المهدي”.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على طريقة تفكير الصدر، والتي كانت دائماُ “اللعب” على المتضادات، فكلنا يعلم، أن جيش المهدي، يأتمر بأمر سماحة الصدر، وهدفه الوحيد؛ حمايته ومهاجمة من يتعرض له، وهو عكس ما صرح به الصدر: “جيش المهدي أسس لحماية العراق، وليس لحمايتي شخصياً”.

يبقى الصدر، هو أحد المكونات الأساسية للعملية السياسية في العراق، وفي تقرير لوكالة “رويترز” جاء فيه أن بعض الأحزاب والفصائل الشيعية أبرمت في مدينة قم الإيرانية، اتفاقاً مع رجل الدين الشعبوي، الذي يأتمر بأمره ملايين العراقيين، ويقول مسؤولون عراقيون كبار وبعض المطلعين في هذه الفصائل، إن هذه الجماعات وعدت الصدر بصلاحيات أكبر في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وبدور موسع في القيادة الروحية للفصائل الشيعية المسلحة، وفي المقابل قالت المصادر إنه سيستعين بأتباعه؛ من أجل إضعاف المعارضة المناوئة للحكومة ولإيران، والتي تفجرت في الشوارع العراقية، ويعيد توجيه الاحتجاجات للتركيز على المطالبة بانسحاب القوات الأمريكية من العراق.

مصادر عدة شبه عسكرية مطلعة على ما دار في الاجتماعات المذكورة أعلاه، أكدت أن الجانب الإيراني طلب من الصدر الذي ينتمي لعائلة صاحبة نفوذ من رجال الدين الشيعة، استخدام أتباعه في السيطرة على المظاهرات، وقابلها مطالبة الصدر بحرية اختيار الحكومة المقبلة والقدرة على الاعتراض على تفضيلات الأطراف المدعومة من إيران، والتي بدورها لم تعارض طلبه.

عدة مصادر مقربة من المطبخ السياسي العراقي، أكدت أن الحكومة القادمة -حكومة محمد توفيق علاوي- ما هي إلا حكومة لمقتدى الصدر، الذي وافق شخصياً بدوره على اسمائها وبارك فريقها، وأن علاوي ما هو إلا -موظف- عند رجل الدين العراقي البارز.

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …