بقلم: محمد حسن الموسوي
الشرق اليوم- أحيت انتفاضة تسرين وبشكل غير مسبوق الوعي الوطني لدى شريحة واسعة من العراقيين، من شارك منهم في الميدان أو ساهم في دعمهم وتوجيههم عبر وسائل الإعلام أو من خلال العوالم الافتراضية.
كما عمقت الاعتزاز بالهوية الوطنية العراقية الجامعة التي تضررت وضعفت كثيرا جراء الصراعات الطائفية والدينية والقومية بعد سقوط الدكتاتور عام 2003.
وكذلك أفرزت جيلاً وطنياً قيادياً واعيا من الشباب الحر، الذي لا يعاني من عقد الأسلاف، مستميت في الدفاع عن حقوقه الأساسية ومتمسك بهويته الوطنية العراقية.
ولم تقتصر انجازات انتفاضة تشرين الإصلاحية على البعد السياسي فقط، بل كان للبعد الاجتماعي اثراً بارزاً تمثل بنزول المرأة إلى ساحات التظاهر والمشاركة والتفاعل الكبير مع الأحداث السياسية بوعي جمعي خلاق في وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أرغمت انتفاضة تشرين، السلطات على فتح ملفات مهمة أُريد لها أن تغلق أو تسوف ومن أهمها ملف محاكمة الفاسدين، وملف علاقة اقليم الشمال بالمركز ، وملف امتيازات المسؤولين وملف سوء توزيع الثروات بين أبناء الوطن الواحد وتعديل الدستور، وانهاء المحاصصة …وغيرها
والثمرة الكبيرة التي أسست لها انتفاضة تشرين هي إحياء الوعي والإحساس الوطني بمفهوم السيادة الوطنية وتقليص النفوذ السياسي والتدخلات الاقليمية والدولية في صناعة القرار السياسي في العراق.
بالرغم من أن الانتفاضة انطلقت في جغرافية مدن الوسط والجنوب ذات الغالبية الشيعية لكنها سرعان ما وجدت لها تعاطفاً وطنياً وانسانيا من مختلف مكونات وتوجهات أبناء الشعب العراقي، ورغم إنها لم تمتد بعد الى شمال وغرب العراق، لظروف معروفة، لكن التعاطف الكبير معها من قبل أبناء تلك المدن يفتح بابا لاحتمالات انتقال التظاهرات إليها قريبا.
يذكر أن الانتفاضة الشبابية أبرزت الدور الأبوي لمرجعية النجف الاشرف المباركة، التي كان لها موقفا حازما وحاسما من قمع السلطات لها في بداية انطلاقتها، حيث ساهمت بحماية التظاهرات وحافظت على زخمها وسلميتها عبر بياناتها المتواصلة وارشاداتها الحكيمة.
وأعادت بدرجة كبيرة الحياة لروح النقابات والاتحادات المهنية كي تأخذ دورها الفاعل في النظام السياسي والاجتماعي العام بعد ان تم تجميدها او تحويلها إلى دكاكين تابعة لاحزاب السلطة.
أما ثقافياً.. فقد ساهمت في فرز الساحات، وكشفت عن النخبة الثقافية الموالية للوطن والدولة، وميزتها عن غيرها من النخب الموالية للفاسدين والفاشلين.