بقلم: حيدر صبي
الشرق اليوم- شكل ظهور فايروس كورونا هاجسا من الرعب والهلع لدى كثير من دول العالم بعد ظهورة أول مرة في الصين ليحصد أرواح ماناهز 2666 مع تزايد في أعداد المصابين والذي وصل وحسب الاحصائيات الرسمية الصينية الى 77779 مصابا حتى الساعة، وعلى الرغم من ظهور الفايروس في دول العالم وعدد من الدول العربية، إلا أن العراقيين لم ينتبهوا له حتى ساعة الإعلان عن حصول حالتي وفاة واصابة العشرات بالفايروس في مدينة قم الايرانية، وبدت علامات الخوف والهلع تظهر في الأوساط الشعبية العراقية إثر سماعهم أنباء توفي شخصين وأن هناك العشرات من المصابين معرضين لخطر الموت، ومرد خوف العراقيين يرجع في الأساس كون إيران دولة جارة للعراق إضافة إلى وجود الالاف من الإيرانيين داخل أراضيهم وجلهم من الزائرين هذا غير المقيمين منهم وأيضا هناك أعدادا كبيرة من العراقيين موزعين داخل المدن الإيرانية خصوصا بمدينة ” قم ومشهد وطهران واصفهان” وأن حركة التبادل التجاري هي الأعلى من بين جميع الدول لذا ففرص الإصابة بالفيروس ستكون كبيرة.
مع ظهور أول إصابة طالت “سهيل اميري” وهو طالب دراسة في العلوم الإسلامية ومقيم في محافظة النجف حتى عم الخوف والفزع قلوب أبناء المحافظة ليتقاطروا على الصيدليات لاقتناء كمامات الوقاية لينبري أصحاب الصيدليات في المحافظة من رفع أسعارها ويقوم القسم الاخر بتخزينها أملاً في بيعها بأسعار مضاعفة فيما بعد، لترتفع بعدها أصوات الأهالي مطالبين محافظ المدينة ودائرة صحة النجف في وضع حد لجشع هؤلاء ومحاسبتهم وطالبوا ايضا الحكومة المحلية مع دائرة الصحة القيام بواجبها بتوفير الكمامات بالمجان خصوصا للموظفين أو الطلبة، فيما ضجت منصات التواصل الاجتماعي بالكثير من التعليقات المطالبة بغلق مطار النجف الدولي امام حركة المسافرين ليكشف بعدها السيد لؤي الياسري وخلال لقاء له أمس الاثنين عبر الــ “بي بي سي” , أنه ليس بالإمكان أن يوقف حركة الطائرات، لأن إجراء كهذا سيتسبب في منع عودة المئات من المواطنين العراقيين لبلدهم كذلك والحال ذاته فان غلق المطار سيعرقل عودة الايرانيين لديارهم , لكنه عاد ليطمأن ابناء محافظته من ان حكومته اتخذت اجراءات وقائية في منفذ المطار وتشكيله لخلية ازمة وافراغ فندق خاص لحجر المصابين مع مشفى خاص ترسل إليه الحالات المشكوك فيها لعلاجها .
يبقى العراق معرضا للإصابة بالفايروس المميت وربما سنشهد في الايام القادمة تزايدا حادا في تسجيل حالات جديدة من الاصابة خصوصا وأن الصحة العراقية أعلنت اليوم الثلاثاء عن إصابة 4 أشخاص في محافظة كركوك شمال بغداد وجميعهم من عائلة واحدة كانوا قادمين من إيران .
الكورونا الايرانية تحصد أرواح “50” مواطنا من مدينة قم وحدها والسلطات الإيرانية تتحفظ الإعلان عن الرقم الحقيقي، فإيران التي تحاول قدر الامكان التعتيم عن الاصابات الحقيقية باتت في حرج كبير أمام شعبها والمنظمات العالمية فهي في الوقت الذي تبذل جهودا مضنية للسيطرة على الفايروس نجد ان المدن الايرانية تسجل يوما بعد اخر تزايدا في اعداد المصابين بالمرض . وامام هكذا وضع انبرى احد النواب الايرانيين للدخول في حرب من التصريحات مع امين لجنة مكافحة فايروس كورونا .
النائب الإيراني عن مدينة قم، أمير آبادي، أصبح يناكف ويتحدى أمين لجنة مكافحة فايروس كرونا , فقد صرح اميري ان الاعداد التي ذكرها امين عام لجنة مكافحة فايروس كرونا من المتوفين بسبب الفايروس عارية عن الصحة وغير دقيقة وان معدل ” 10″ اشخاص يوموتون يوميا ليصل عددهم الفعلي لـ ” 50 ” متوفي من مدينة قم وحدها , وفيما السيد الامين شكك بارقام النائب الايراني وعدها كاذبة ليعلن تحديه بتقديم استقالته ويقول , الاعداد التي ذكرها النائب لاتعدو الى نصف ما ذكره من الاعداد بل حتى لم تصل الى الربع وانا ساقدم استقالتي ان ظهر غير ذلك , ليقوم بعدها النائب بالكشف عن اسماء المتوفين داخل البرلمان وليوجه خطابه لامين مكافحة فايروس كرونا بالقول : هيا قدم استقالتك .
ودعا اميري امس لاغلاق ابواب مرقد السيدة معصومة أمام الزوار كون باتت الاوضاع مقلقة للغاية وان مراجع الدين لايعارضون ذلك وحسب تعبيره .
وكان رئيس جامعة العلوم الطبية في مدينة قم , قد اعلن عن اصابته بالفايروس نتيجة تواصله المباشر مع المصابين والاشراف على علاجهم , الامر الذي دعا الرئيس الايراني حسن روحاني بتوجيه جميع الأجهزة الحكومية في مدينة قم ومطالبتها بتسخير كل الامكانيات وبذل كل الجهود لتوفير سلامة المواطنين لمواجهة الفايروس .
وعن المطالبة باغلاق مدينة قم , قال مساعد وزير الصحة الايراني إيرج حريرجي : ” نعارض اغلاق المدن بسبب فيروس كورونا .. لاشك ان البلدان الاخرى لاتكشف عن الاحصائيات الحقيقية بشان الوفيات جراء الفايروس في اشارة منه لاتهام الصحة الايرانية عدم ذكرها الاعداد الحقيقية للمتوفين والمصابين على حد سواء , ليضيف بالقول : سياستنا هي الشفافية ولايمكن ان نكتم اي خبر بشان فايروس كورونا ” ؟ .
ويأمل الايرانيون يوم غد الاربعاء وصول فريق من منظمة الصحة العالمية إلى إيران للمساعدة في مواجهة تفشي فايروس كورونا , فدولة بحجم جغرافية ايران والعدد الضخم لسكانها لا يمكن باي حال من الاحوال السيطرة على هكذا نوع من الفايروسات القاتلة فهي حتما قد شكلت تحديا صعبا للدول المتقدمة فكيف والحال بايران ؟ .
كورونا المتفشي والذي ربما سيصنف من قبل منظمة الصحة العالمية كوباء عالمي وكما جاء في اخر تعليق للمنظمة يوم امس الاثنين , يتطلب من الدول بتسخير كافة الامكانات لديها والابقاء في استنفار تام لكافة مؤسساتها مع تطبيقها للتعليمات والمباشرة بطرق الوقاية وأن توفر المستشفيات الخاصة لمعالجة المصابين .
إيران اليوم باتت تعيش في عزلة شبه تامة عن العالم الخارجي بعد غلق جميع دول جوارها الاقليمي لحدودها البرية والبحرية والجوية بوجه حركة التجارة ما خلا الحدود العراقية فهي لا زالت مفتوجة حتى الساعة , ليكون الإغلاق هذا عامل ضغط مضاف على الاقتصاد الايراني الذي يعاني في الاساس من انقباض تام يلوح أفق مستقبله الانهيار وفيما بقيت العقوبات الامريكية بمستواها الراهن.