بقلم: د. جواد الهنداوي-رئيس المركز العربي الأوروبي للدراسات و تعزيز القدرات
الشرق اليوم– الأزمة في سوريا، والتي هي ليست أزمة سورية وإنمّا أزمة عربية وإقليمية ودولية في الساحة السورية وعلى حساب الشعب السوري والسيادة السورية، أماطت اللثام عن الوجوه الحقيقية لبعض القادة، ومنهم الرئيس أردوغان، باسم الأمن القومي التركي و مصالح الشعب التركي.
يمارس الرئيس، وبشكل مفضوح، الكذب والنفاق والابتزاز والاعتداء وتوظيف الإرهاب ، وضحايا الإرهاب (اللاجئين)، شرقاً وغرباً ، في سوريا مثلما في ليبيا. فقد أصبحَ سمساراً مختصاً في نقل الإرهابين و بالآلاف من إدلب إلى ليبيا ،أمرٌ يدّلُ على أنَّ الإرهاب كان و لايزال وسيلة لبعض الدول في تحقيق أهداف سياسية: التوسع الجغرافي و النفوذ، إسقاط أنظمة دول، إنهاك و تدمير مقومات لدول .
أصبحت تركيا كحال إسرائيل تستخدم الاحتلال والإرهاب لضمان المصالح و توسيع النفوذ في المنطقة.
أعلنت الولايات المتحدة، وعلى لسان وزير خارجيتها، مايك بومبيو، عن تضامنها ودعمها للاحتلال التركي في إدلب و ما تقوم به في شمال سوريا و شرق حلب، وأوفدت السفير جيفري إلى تركيا للتشاور و إعلان التضامن لما تقوم به “حليفنا في الناتو من أجل استقرار المنطقة”؛ هذا ما قاله وزير خارجية أمريكا ! التي ترى وتقول بأنَّ الاحتلال التركي و ما تقوم به أنقرة من عمليات دعم وتسليح للإرهابين ونقل أعداد كبيرة منهم إلى ليبيا هو من أجل استقرار المنطقة …!
تدرك إيران، ومعها محور المقاومة، حقائق و معطيات عن العربدة التركية في سوريا ، وتتصرف سوريا عسكرياً و روسيا و إيران سياسياً على ضوء تلك الحقائق و المُعطيات . فما هي ياترى تلك الحقائق و المعطيات ؟
– لا أحد يشكُ في حقيقة مفادها سعي أمريكا ومن خلفها اسرائيل الى تأجيج الفتنة و الاقتتال في المنطقة ،بين دولها أو بين طوائف وقوميات شعوبها، تصعيد و مناوشات وحرب بين تركيا وسوريا يصّبُ في مصلحة إسرائيل و أمريكا ، يدفع تركيا للارتماء في أحضانهما والامتثال لاستراتيجيتها. حرب استنزاف بين تركيا وسوريا تساهم في إضعافهما، ومثلما قال مندوب سوريا الدائم لدى الامم المتحدة السيد بشار الجعفري: ” أمريكا والغرب يسعون إلى توريط تركيا ” .
– بادرت إيران رسمياً ، وعن طريق مندوبها في الأمم المتحدة، إلى عرض وساطتها بين تركيا وسوريا، إذ تُظهِرْ إيران و أمام المجتمع الدولي سعيها إلى التهدئة واحلال السلام وليس إلى التصعيد، رغم أنها تدعم سوريا عسكرياً في محاربة الإرهاب وجبهة النصرة في إدلب، وهؤلاء هم حلفاء تركيا و مدعومين بالمال وبالسلاح وحتى بمقاتلين من الجيش التركي.
تهديد ايران لاسرائيل بالرّد إنْ أقدمت الأخيرة على ضرب المصالح الإيرانية في سوريا هو في ذات الوقت رسالة إلى تركيا، فحواها أنَّ إيران لم تقف مكتوفة الأيدي إزاء الاعتداء على مصالحها في سوريا.
مبادرة و تصريحات إيران تجاه الأزمة في سوريا وتجاه ما تقوم به تركيا في سوريا لم تحصل دون تنسيق وتشاور مع روسيا؛ الفاعل الأقوى سياسياً وعسكرياً في الساحة السورية. كما أن المبادرة الإيرانية هي بالأحرى مبادرة روسية ولكن بلسان إيراني و بهوية إيرانية، وتعمدت روسيا بالكف عن سياسة الجزرة مع تركيا لعدم التزامها بتعهدات سوتشي تجاه روسيا وسوريا ، تدعم روسيا اليوم سياسة العصا تجاه تركيا ،والعصا هي بيد الجيش العربي السوري .